بقلم - مكرم محمد أحمد
يبدو ان الجيش العربى السورى على وشك الهجوم الشامل على محافظة ادلب لاستردادها من أيدى المتمردين وجماعات الجهاد الاسلامية وبقايا تنظيم القاعدة، يحشد المزيد من قواته المدرعة مدعوما بقوات روسيا الجوية والبحرية التى تضم 26 سفينة عسكرية إضافة الى قوة جوية ضخمة قوامها 36 طائرة من بينها عدد غير قليل من القاذفات الاستراتيجية، بعد ان فشلت جهود رؤساء روسيا وإيران وتركيا الذين اجتمعوا أخيرا فى طهران لمحاولة تسوية الأزمة السورية وفشلوا فى الوصول الى حل سياسى،لأن كلا من روسيا وايران يساندان حق الجيش السورى فى استعادة إدلب، على حين يرى الرئيس التركى رجب طيب اردوغان أنه لاتزال هناك فرصة لاحتواء مشكلة إدلب وفصل المعتدلين من المعارضة السورية عن جماعات الجهاد التكفيرية، محذرا من أن الحرب المتوقعة يمكن أن تسفر عن خسائر بشرية ضخمة، لأن إدلب تضم أكثر من ثلاثة ملايين نسمة, نصفهم من النازحين من مناطق سورية أخرى، بينهم عشرات الآلاف من مقاتلى المعارضة السورية المسلحة الذين تم إجلاؤهم من عدة مناطق سورية شكلت معاقل سابقة لفصائل المعارضة السورية المسلحة، قبل هجمات الجيش السورى على هذه المعاقل وتصفيتها فى مناطق غوطة دمشق ومحافظات حمص وحماة ودير الزور، وثمة توقعات مؤكدة بأن ربع مليون سورى على الاقل سوف يغادرون إدلب الى الاراضى التركية فى عملية نزوح جماعى متى حانت ساعة الصفر، يثقلون كاهل تركيا الاقتصادى بعد الانخفاض الضخم فى سعر الليرة التركية، لكن الواضح حتى الآن أن تركيا تلقى تعاطفا أوروبيا متزايدا خاصة فى ألمانيا التى أكدت استعدادها لمضاعفة مساهمتها الانسانية اذا اندلع القتال على جبهة عريضة ، كما أبدت ترحيبها بزيارة الرئيس التركى اردوغان الى برلين بعد خصام وصل الى حد القطيعة، والواضح ان فشل القمة الثلاثية المتكرر التى تضم الرئيس الروسى بوتين والرئيس الايرانى حسن روحانى والرئيس التركى اردوغان عزز من احتمالات نشوب حرب شاملة فى محافظة إدلب خاصة مع تكرار عدوان فصائل المعارضة السورية الذى يستهدف مواقع عسكرية مهمة للجيش السورى فى ريف اللاذقية وحمص وحماة ، بينما يؤكد الرئيس السورى بشار الأسد ان تحرير إدلب يمثل أولوية مطلقة للجيش السورى وتحذر وزارة الدفاع الروسية من ان المسلحين فى إدلب يتعاونون مع الاستخبارات البريطانية من أجل تلفيق اتهام جديد للسلطات السورية بعزمها على شن هجوم كيماوى على المتمردين فى إدلب واستغلاله كزريعة ملفقة لفدية او مكيدة بريطانية تعطل هجوم الجيش السورى ، وبرغم ان وزير الخارجية الامريكية مايك بومبيو اعلن مشاطرته قلق روسيا من وجود هذه الاعداد الماثلة من الارهابيين فى محافظة ادلب إلا ان الولايات المتحدة ترفض استخدام القوة العسكرية معربة عن أملها فى تسوية الوضع فى إدلب بالطرق السلمية، وفى اجتماع طارئ لمجلس الامن حذرت السفيرة الأمريكيه فيكى هايلى النظام السورى من محاولة إستخدام الأسلحة الكيماوية فى هجومها المتوقع على إدلب، بينما أكد الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى أن وقف نزيف الدم فى سوريا لن يتم إلا من خلال حل سياسى, يبدأ بإعادة كتابة دستور جديد لسوريا واعادة بناء نظام للدولة الوطنية يلبى طموحات الشعب السورى، ولفت محللون سياسون إلى اقتراب موعد »أم المعارك« السورية فى محافظه إدلب بعد أن تمكن الجيش السورى من تطهير أغلب الأراضى السورية من سيطرة جماعات الارهاب فى غوطة دمشق وتدمير دير الزور ولم يعد باقيا سوى محافظة إدلب، خاصة أن نجاح الجيش السورى فى تصفية بؤر الارهاب فى ادلب يعنى نهاية المعارضة السورية المسلحة، لكن الواضح حتى الآن ان الغرب بأكمله وليس الولايات المتحدة فقط يقف الى جوار اقتراح الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى يدعو الى تجنب المواجهة العسكرية بحجة حقن الدماء، بينما يخلص الهدف الحقيقى للرئيس التركى فى تعطيل العملية العسكرية لتحرير إدلب قلقا من مضاعفاتها المحتملة واستثمارها فى خروج تركيا من مأزقها الاقتصادى والسياسى الراهن بسبب وجود أكثر من ثلاثة ملايين لاجىء سورى يشكلون عبئا ثقيلا على الاقتصاد التركى، ورغبتها فى ان تكون شريكا أساسيا فى تسوية الأزمة السورية بما يضمن هيمنتها الكاملة على مستقبل الدولة السورية .
أرسل تعليقك