بقلم - مكرم محمد أحمد
يبدو من تأكيدات الرئيس عبدالفتاح السيسى أمس الأول أن استكمال الإصلاح الاقتصادى بات (فرض عين )على المصريين، يتحتم على الجميع أن يتجرعوا كأسه إلى النهاية كى يتعافى الاقتصاد الوطنى وتصبح مصر أفضل حالاً، وأن على كل بيت مصرى أن يتحمل بشجاعة ما بقى من مشقة لأنه بدون ذلك سوف يتعذر الإصلاح، وسوف يصبح الوضع أسوأ حالاً، وما من خيار آخر أمامنا سوى أن نُكمل المشوار الذى نقف الآن على مشارف نهايته وقد لاح فى نهاية النفق الضوء الباهر لأمل جديد تبدو مؤشراته واضحة لكل العيان، تتمثل فى زيادة قدرة الاقتصاد المصرى على توليد فُرص عمل جديدة هبطت بمعدلات البطالة من 12 فى المائة إلى 10 فى المائة، وزيادة احتياطيات النقد الأجنبى الذى فاق لأول مرة 44 مليار دولار تكفى لتغطية احتياجاتنا من الخارج بما زاد من أمن مصر وأمانها الاقتصادى، وتصحيح ميزان المدفوعات بما مكّن مصر من تحقيق قدر من الفائض يؤكد أنها على الطريق الصحيح، فضلاً عن مؤشرات نجاح أخرى عديدة، تؤكد أننا نُصدر الآن بأكثر مما نستورد، وأننا سوف نُحقق مع نهاية هذا العام الاكتفاء الذاتى من الغاز والطاقة، وثمة فُرصة هائلة لأن تُصبح مصر مركزاً عالمياً للطاقة يستقبل غاز المتوسط ويُعيد تصديره مُسيلاً إلى الخارج، يسد إحتياجات السوق الأوروبية التى ترى فى وضع مصر الراهن صمام أمان يُطمئن الأوروبيين على احتياجاتهم المستقبلية للطاقة وان مصر تحقق الان معدل تنمية يصل الى 5٫2٪ فى المائه ممكن ان يرتفع فى السنوات القادمة الى اكثر من 7 فى المائة بما يفوق لاول مرة معدل الزيادة السكانية السنوية و يضمن تحسين جودة حياه المصريين.
وإذا كانت مؤشرات الاقتصاد الكلى فى مصر كما ترصدها المؤسسات المالية الدولية المُحايدة تؤكد أن مصر تتعافى بأسرع مما توقع الكثيرون، وأن فرج الله قريب، وأن بدايات تحسُن أداء الاقتصاد المصرى تأتى أُكلها فى المزيد من إتاحة فرص العمل، وانخفاض أسعار الأسماك والخضر وانتظام دعم الخبز الذى يصل إلى 80 فى المائة من الشعب المصرى، وتحسُن خدمات شبكات الطرق القومية، وزيادة حجم المعروض من إسكان إجتماعى راق يستجيب لمطلب تحسين جودة الحياة المصرية، يصبح من واجبنا أن نعض بالنواجذ على أهداف الإصلاح الاقتصادى، وأن نتحمل فوق الإستطاعة، وأن نجتاز هذا التحدى فخورين بهذه التضحيات واثقين من قُدرتنا على عبور المهمة، وإذا كانت شبكات الأمان الاجتماعى التى أنشأتها الدولة تستطيع أن تسد بعض الثغرات بما يُمكن الفئات الأقل قُدرة من عبور الأزمة، فإن أول واجبات المجتمع المدنى أن يكون جاهزاً لعون بعض فئات المجتمع الضعيفة على تحمُل بعض الأعباء التى تفرضها زيادات الأسعار المتوقعة، متى كان ضرورياً أن ترفع جزءاً آخر من دعم الطاقة والوقود، ولا يقل أهمية عن ذلك أن يقف المجتمع المدنى بشجاعة ضد الجشعين الذين يرفعون أسعار العديد من السلع والخدمات أضعافاً بأكثر مما تتطلبه الأسعار الجديدة للطاقة، ولو أن المصريين نجحوا فى أن يعبروا هذه الأزمة مُسلحين بقدر من الانضباط والتكافل والرُشد والتراحم، فسوف يختصرون الأضرار الجانبية إلى حدها الأدنى المُمكن، وأظن أن على الدولة أن تصغى واعية لأية مقترحات لا تُعطل خطط الإصلاح أو تؤجلها أو تتهرب من مسئوليتها، وتسعى إلى تخفيف آثارها، مثلما حدث فى تذكرة المترو، عندما اكتشف الجميع أن الإشتراكات على الخطوط يمكن أن تكون حلاً موفقاً، وأن تنظيم حضور الموظفين بما يضمن تلبية حاجات العمل الفعلية، أو يُمكن بعض العاملين من العمل من منازلهم، يمكن أن يساعد فى تخفيف بعض الأعباء والنفقات، لأن المهم أن يتعاون الجميع على استكمال خطط الإصلاح الاقتصادى دون نكوص أو تراجع عن مسيرة الإصلاح، وأن تكون الدولة مفتوحة الفهم والأُفق بما يُمكنها من إغلاق كل الثغرات أمام طابور خامس يطلق الشائعات الكاذبة ويختلق الذرائع الكاذبة غير الصحيحة.
المصدر : جريدة الأهرام
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك