بقلم /مكرم محمد أحمد
قبل بضعة أشهر عادت الحياة إلى طبيعتها شرق مدينة الموصل التى تم تحريرها من قبضة داعش وفتحت أندية كرة القدم التى يزيد عددها على 400 ناد أبوابها من جديد وعاودت المقاهى المزدحمة بالرواد سهرها حتى منتصف الليل ، وظهرت أردية النساء الملونة فى فتارين المتاجر الذى لم تكن تعرض سوى الأسود ، وتجرى على قدم وساق أعمال الإصلاح والترميم فى مبنى جامعة الموصل التى كانت واحداً من أشهر معاهد التعليم العالى فى المنطقة العربية وأغلقت أبوابها مع سيطرة داعش على المدينة عام 2014 ، عندما أعلن أبو بكر البغدادى نفسه أميراً للمؤمنين من فوق منبر جامع الموصل الكبير .. ، ورغم أن الحكومة العراقية لاتزال متوقفة عن دفع رواتب وأجور الموظفين منذ احتلال داعش للمدينة فتحت المدارس أبوابها وعاود التلاميذ الانتظام فى الحضور ، ويواصل المدرسون عملهم دون انتظار الرواتب ، ويتكاتف سكان المدينة على عبور أزمتهم ، يتعاونون على تسيير شئونهم إلى أن تعود الإدارة الحكومية .
ويتابع سكان شرق الموصل على مدار اليوم والساعة معارك تحرير غرب الموصل على الشاطئ الآخر من نهر الفرات ، يأملون أن ينتهى الجيش العراقى من تحرير باقى أحياء المدينة القديمة بحاراتها ودروبها الضيقة وكثافة سكانها العالية قبل نهاية شهر رمضان ، حيث يتواجد فى المدينة القديمة أكثر من نصف مليون مواطن عراقى ، جعلت داعش منهم دروعاً بشرية تحمى فلول قواتها التى لاتزال تقاوم بشراسة دخول القوات العراقية باقى أحياء المدينة، ورغم كل هذه العوامل التى حالت دون أن يستخدم الجيش المدفعية الثقيلة أو القصف الجوى بفاعلية مؤثرة حرصاً على حياة المدنيين، تحقق القوات العراقية تقدماً حثيثاً وإن يكن بطيئاً بعض الشئ ، بحيث لم يعد باقياً على تحرير كامل الموصل سوى 12 كيلو متراً مربعاً ينحصر فيها وجود فلول داعش .
وثمة ما يشير إلى أن تحرير مدينة الموصل بالكامل سوف يعقبه
أو يترافق معه تحرير مدينة الرقة السورية التى اختارتها داعش عاصمة لدولة الخلافة ، خاصة بعد نجاح الميليشيات الكردية فى تحرير مدينة الطبقة على مسافة 15 ميلاً من الرقة ، وبخروج داعش من كل العراق ومعظم سوريا حيث لا تزال تسيطر على محافظة دير الزور وأجزاء واسعة من محافظة إدلب فى الشمال وبعض الجيوب المحدودة فى غوطة دمشق ، سوف تحاول داعش توسيع نطاق المواجهة وتحريك خلاياها النائمة فى دول المنطقة وبعض العواصم الأوروبية التى تتطلب يقظة المجتمع الدولى وتوحيد جهوده لاجتثاث داعش من جذورها .
أرسل تعليقك