بقلم - مكرم محمد أحمد
وسط أجواء إقليمية صعبة تعج بمشكلات خطيرة وعلاقات متصادمة وأحداث جسام، آخرها مقتل الرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح على يد الحوثيين، انعقدت قمة مجلس التعاون الخليجى أمس رغم الشكوك التى أطاحت بانعقادها هذا العام بسبب الخلافات بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جانب، وقطر من جانب آخر نتيجة دعمها الإرهاب وتورطها فى التدخل فى شئون دول الجوار وعدم التزامها بتنفيذ المطالب الـ13 للدول الأربع، وإن بقى التضارب قائما حتى اللحظة الأخيرة حول مستوى التمثيل فى القمة, وهل يحضر الملك سلمان رغم وصول وفد سعودى ضخم يشير إلى احتمال حضور العاهل السعودى ، وحتى أسابيع قليلة سابقة كانت قمة الخليج بحكم اللاغية , لكن يبدو أن المواقف تغيرت بعد لقاء وزير خارجية أمريكا ركس تيلرسون بوزير الخارجية القطرى ثم لقائه مع ولى عهد السعودية محمد بن سلمان, وبعد الزيارتين لممثل أمير قطر إلى الكويت وممثل أمير الكويت إلى السعودية قبل أيام قليلة من الانعقاد، بما عجل من انعقاد القمة تحت ضغوط أمريكية كويتية ترى ضرورة انعقاد مجلس التعاون الخليجى رغم إستمرار الأزمة بين السعودية ومصر والإمارات والبحرين مع قطر , وحتى الشهر الأخير كانت البحرين تعلن أنها لن تحضر إلى قمة الكويت إذا لم تغير قطر سياساتها، مطالبة بتعليق عضوية قطر فى مجلس التعاون الخليجى .
ومع أن وساطة الكويت لم تنجح حتى الآن فى تسوية خلاف قطر والدول الأربع، لا يزال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد يرى ضرورة الحفاظ على استمرار مسيرة مجلس التعاون الخليجى كصيغة تحقق العمل الخليجى الجماعى المشترك لدول الخليج التى تشكل فى رأى البعض مجتمعاً متجانساً يوفر درعاً آمنة وثقلاً سياسياً وسوقاً اقتصادية وهوية واحدة .
كما أن الكويت لا تتحمس كثيراً لتعليق عضوية قطر خوفاً من أن تزداد شقة الخلاف وربما تؤدى إلى تفكيك مجلس التعاون، وبرغم أن الكويت حرصت دائماً على إبعاد منظومة دول الخليج عن أية خلافات إقليمية، وسعت دائماً إلى حصار الخلافات الخليجية إلا أن قطر كانت دائماً الباب الذى تأتى منه ريح السموم كما حدث عام 2014 ، عندما جرى سحب السفراء بين السعودية وقطر ولم تلتزم قطر بتنفيذ بنود الاتفاق الذى وقع عليه الأمير تميم، وكان يشمل وقف دعم جماعة الإخوان وطرد العناصر التابعة لها من غير مواطنى قطر وعدم تقديم الدعم لأى من تنظيمات الإرهاب والالتزام بالتوجه السياسى الخارجى العام لدول الخليج، وإغلاق مراكز التدريب على أعمال التخريب والإرهاب.
وبرغم الخلافات بين قطر والدول الأربع السعودية ومصر والإمارات والبحرين، تعتقد الكويت أن انعقاد دورة مجلس التعاون الـ38 الراهنة يمكن أن تسهم فى ذوبان الجليد، وتساعد على حل المشكلة مع الدول الأربع وتفكيك عناصرها خاصة مع وجود عدد من المؤشرات الإيجابية، بينما الكويت لم تتلق أى اعتذار عن عدم حضور القمة ولم يطرح أحد شروطاً لانعقادها ،فضلاً عن المساندة الأمريكية القوية لأهمية الانعقاد . وما تؤكده الكويت الآن على لسان مسئوليها أنها لا تريد مؤتمراً لتبويس اللحى , ولا ترغب فى حل مؤقت للأزمة , ولا تريد مجلس تعاون متهالكا يشوب أداءه القصور، ولكنها تريد من المؤتمر وضع أطر واضحة لحل الخلافات الراهنة، وعدم السماح بتجاوز هذه الأطر التى تؤكد عدم المساس بالسيادة الوطنية، او التدخل فى الشئون الداخلية للدول، وإنهاء التضارب فى الرؤية الأمنية لدول الخليج والإتفاق على حد أدنى من الرؤى السياسية، والتفكير فى إنشاء منصب المنسق العام للشئون الأمنية داخل مجلس التعاون لمتابعة الملفات المتعلقة بتمويل الارهاب، وبسبب غياب اية ضمانات بالالتزام بهذه الاطر وخوفاً من أن يتكرر ما حدث فى عام 2014 عندما امتنعت قطر عن تنفيذ ما وقعت عليه من وثائق.
يتأرجح المؤتمر بين التفاؤل الذى يسود معظم دول الخليج، وثمة من يؤكد ان الامير تميم امير قطر سوف يقدم اعتذارا أو شبه اعتذار علنى فى خطابه فى الجلسة الافتتاحية وسوف يصافح كل الحاضرين فردا فردا دلالة على الرغبة فى إنهاء المشكلة، بينما يرجح آخرون انه ربما يكون من المبكر التكهن بهذه النتائج ، لكن انعقاد المؤتمر بكامل نصابه دون معرفة مستوى الحضور حتى اللحظة الأخيرة , يؤكد أن مجلس التعاون الخليجى لم يجاوز بعد مرحلة التفكك والانهيار الى مرحلة التوافق وبناء الثقة ،خاصة أن المؤتمر ربما يعقدعلى مستوى وزراء الخارجية بعد أن تأكد فى آخر لحظة أن الملك سلمان لن يحضر فى الأغلب قمة الكويت !.
أرسل تعليقك