بقلم /مكرم محمد أحمد
يتسم الخطاب الموجز الذى ألقاه الرئيس السيسى فى مؤتمر الرياض خلال 10 دقائق بالتركيز الشديد ، لكنه خطاب بالغ الصدق والحكمة ، قوى واضح ومحدد فى مبناه ومعناه، شد انتباه الحضور الكريم من القادة والرؤساء بمن فى ذلك الرئيس الأمريكى ترامب الذى تابع الخطاب جملة جملة والعاهل السعودى الملك سلمان الذى كان أول من علق عليه مؤكداً التزام العرب جميعا بتنفيذ هذه الرؤية العربية الشاملة ، لأن الخطاب كان صريحا فى إشاراته لم ينقصه قوة الحجة وصدق المواجهة والحرص على تدقيق الحقائق والمعانى ، ولعله أهم خطاب سياسى ألقاه الرئيس السيسى على مدى فترة حكمه .
كان السيسى عظيما عظمة بلاده ، وهو يقدم مصر الجديدة بعد 30 يونيو إلى هذا المؤتمر الحافل ، وقد توحد أقباطها ومسلموها تحت مظلة المواطنة الكاملة للجميع بدعم قوى من الأزهر الشريف المرجعية الرئيسية لوسطية الإسلام واعتداله والكنيسة القبطية الوطنية التى تدفع من دماء أولادها ضريبة الوطن فى حربه على الإرهاب ، وكان السيسى واضحا وهو يذكر الحضور الكريم بمصر التليدة فى التاريخ القديم التى أسهمت فى صنع حضارة الإنسان عندما اخترعت الدولة والزراعة والصناعة والفنون وأكدت الوحدانية قبل ظهور الأديان السماوية، وكانت جسرا عبرت عليه الحضارة اليونانية إلى العالم أجمع ، ولا تزال مصر تدعو إلى الأمن والإستقرار وحرية احترام عقائد الآخرين وتحارب الإرهاب بكل صلابة وقوة ، وتسعى جاهدة لتحسين أحوال مواطنيها فى ظروف اقتصادية صعبة يتحمل الشعب المصرى الجزء الأكبر من تكاليفها وتضحياتها.
وكان السيسى واضحا وصريحا وهو يدعو إلى تجديد الشراكة بين الولايات المتحدة والعالمين العربى والإسلامى على أسس جديدة تقوم على تكافؤ المصالح المشتركة والفهم الموضوعى لأسباب الشقاق السابق بين الجانبين ، واحترام الدين الإسلامى الذى يرفض العدوان ويحض على السلام ويدعو إلى تعارف الأمم والشعوب .
ويبلغ الخطاب ذروته والرئيس السيسى يقدم للمؤتمر إستراتيجية شاملة واضحة وشفافة تضمن النجاح للعرب فى حربهم على الإرهاب التى لا ينبغى أن تكون انتقائية تركز على تنظيم واحد ولابد أن تشمل المنظمات التى استفحل خطرها على العالم أجمع داعش والقاعدة والنصرة وغيرها من منظمات الإرهاب لأنه مهما تتعدد أسماء هذه الجماعات فالهدف واحد، تدمير أركان الدولة الوطنية كما حدث ويحدث فى العراق وسوريا وليبيا واليمن وبقاع عديدة من دول العالم، وثانيهما أن المواجهة الشاملة تتطلب إلزام دول المجتمع الدولى كافة بعدم تمويل هذه الجماعات أو إعطائها ملاذاً آمناً أو تسليحها وتدريبها ، وكان الرئيس أكثر تحديداً وهو يتساءل، أين المعسكرات التى يتم تدريبهم فيها والمستشفيات التى تعالج جرحاهم ، إن من يشارك فى هذا الإثم العظيم هم شركاء أصليين فى أعمال الإرهاب ، وفى إشارة لا تخفى على أى لبيب .
أشار الرئيس إلى دول بعينها فى الشرق الأوسط تساعد هذه الجماعات على تجنيد أفرادها بتشوية تعاليم الاسلام ، و ما لم يتم حساب هذه الدول ومساءلتها تصبح الحرب على الارهاب نوعاً من حرث البحر لاطائل من ورائه، وقطعا لكل الذرائع التى تبرر لجماعات الارهاب جرائمها يتحتم الاسراع بتسوية القضية الفلسطينية من خلال إنجاز حل الدولتين فى اطار المبادرة العربية التى تقوم على مبدأ كل الارض مقابل كل السلام ، مؤكداً ضرورة استعادة الدولة الوطنية ومساعدتها على النهوض بمؤسساتها فى اطار قانونى يضمن الحكم الرشيد ويوائم بين ضرورات الحرب على الارهاب وإحترام حقوق الإنسان .
أرسل تعليقك