بقلم/ مكرم محمد أحمد
رغم تهديدات الرئيس الأمريكى ترامب بقائمة عقوبات جديدة لكوريا الشمالية أشد قسوة تشمل منع تصدير الغذاء والكساء إليها، إضافة إلى الوقود والغاز، وفرض عقوبات مالية على عدد من المؤسسات الكورية والاستمرار فى منع تصدير إنتاجها من الفحم والحديد، عقب إطلاق صاروخها الأخير قبل أيام الذى يمكن أن يصل إلى أى مدينة أمريكية على أرض الولايات المتحدة، بما فى ذلك واشنطن العاصمة، لأن مداه يصل الآن إلى أكثر من 8 آلاف ميل، وبرغم الحرب الكلامية التى تصاعدت بين الطرفين وكل منهما يهدد الآخر بالفناء يود العالم الاعتقاد بأن الطرفين لن يقدما على حرب نووية ربما يترتب فناء العالم والحياة، وأنهما سوف يجلسان بالضرورة إلى مائدة التفاوض! وبينما يتشكك الأمريكيون رغم اعترافهم الآن بأن الصواريخ الكورية يمكن أن تصل بالفعل إلى أى مدينة أمريكية فى الشمال أو الجنوب فى أن يكون الكوريون قد نجحوا فى تركيب رأس نووى على صاروخهم الجديد الذى أطلقوا عليه اسم «النجاح الكبير» يؤكد الكوريون أن الرأس النووى جاهز لا يشكل أى مشكلة فى مشروعهم لبناء قوة صاروخية نووية، يتحتم على الولايات الاعتراف بها ومعاملة كوريا الشمالية، مثل باقى القوى النووية الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن...،
ويعول الأمريكيون كثيراً على قدرة الرئيس الصينى فى كبح جماح كوريا الشمالية خاصة بعد لقائهما فى رحلة ترامب الآسيوية الأخيرة، حيث أكد الرئيس الصينى أن سياسته لإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية سياسة ثابتة لا يمكن أن تهتز رغم تجارب كوريا الشمالية الصاروخية التى وصل عددها إلى 18 تجربة صاروخية خلال عام 2017 وحده، آخرها قبل عدة أيام الذى وصل مداه إلى 8 آلاف ميل، أغلقت الصين الطريق البرى الذى يربطها بكوريا الشمالية، كما أغلقت الكوبرى المقام على النهر الأصفر، وأوقفت خط الطيران المباشر الذى يصل بين البلدين غضباً من إطلاق الصاروخ الكورى، وتأكيداً لتوافق الصين والولايات المتحدة على ضرورة كبح جماح كوريا الشمالية أجرى الرئيس الأمريكى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الصينى أعلن الرئيس ترامب عزم الولايات المتحدة على فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية.
ومع كل هذه المؤازرة الصينية لسياسة كبح جماح كوريا الشمالية، يظل السؤال المهم، هل يمكن للصين أن تمضى قدماً مع سياسة العقوبات الأمريكية إلى النهاية، أم أن هناك حدوداً تلزم الصين التوقف عن مؤازرة سياسة العقوبات حفاظاً على الحياة والاستقرار فى كوريا الشمالية، الحليف المزعج الذى لا يزال اعتماده وبنسبة حد عالية فى غذائه ووقوده على الصين !، والواضح للجميع أن الصين لم تصل بعد إلى مرحلة التغيير الجذرى لسياساتها تجاه كوريا الشمالية، وأن هناك الكثير من الانتقادات على سياسات الرئيس الأمريكى ترامب تجاه كوريا الشمالية، وبرغم أنها قبلت فرض العقوبات على حليفها المزعج لتطويع إرادة الرئيس الكورى الشمالى كى يوقف تجاربه النووية والصاروخية ويجلس إلى مائدة التفاوض أملاً فى إخلاء الخليج الكورى من السلاح النووى، فإن الصين ترفض بالمطلق حرباً نووية أمريكية تهدد مصير كوريا الشمالية، كما أن الصين تأخذ على الولايات المتحدة تسرعها فى إعلان كوريا دولة راعية للإرهاب,
وثمة من يرون أن كوريا الشمالية لم تكن متحمسة للتفاوض مع واشنطن قبل أن يتحقق لصواريخها إمكان الوصول إلى أى مدينة فوق الأرض الأمريكية لتصبح فى موقف تفاوضى أشد قوة يمكنها من تحقيق هدفها فى أن يعترف بها قوة نووية صاروخية مع وجود أطراف دولية مهمة مثل روسيا ترى أن كوريا الشمالية سوف تكون أكثر سلاسة وانفتاحاً وثقة فى التفاوض لو أن الرئيس الأمريكى ترامب خفف من سياساته المتشددة، وتغيرت لغة حواره المباشرة مع كوريا من التهديدات المتبادلة إلى التفاوض. وبرغم أن الولايات المتحدة لا تزال تتحدث عن الحل العسكرى الذى لا يزال مطروحاً على مائدة التفاوض بعد أن قارب الوقت على الانتهاء أمام فرص التسوية السلمية فإن وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون يؤكد أن الحل السياسى لا يزال قائماً ومنظوراً، وأن الولايات المتحدة لا تزال تقبل بالتفاوض دون شروط مسبقة، والغالب على المشهد الآن رغم لغة التهديدات المتبادلة، أن الجانبين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية يؤهلان نفسيهما لمرحلة تفاوض جديد تبدأ بقبول الطرفين تجميد الموقف كما تقترح روسيا والصين، بحيث تتوقف كوريا الشمالية عن جميع تجاربها النووية والصاروخية، كما تتوقف أمريكا وكوريا الجنوبية عن تدريباتهما العسكرية المشتركة، وتوافق كل الأطراف أمريكا والصين وروسيا والكوريتان شمالاً وجنوباً على إخلاء الخليج الكورى من السلاح النووى، ويظل السؤال أمام كوريا الشمالية ما الذى سوف يعود عليها من إنهاء برنامجها النووى والصاروخى؟
أرسل تعليقك