بقلم/مكرم محمد أحمد
بقدر المسئولية التاريخية التى يمكن ان يتحملها الرئيس مبارك عن مصير حكمه لأنه أطال دون أى مسوغ قانونى أو سياسى فترة بقائه رئيسا للجمهورية
بعد أن سمح بتغيير بنود الدستور ورضخ لمشروع توريث الحكم لابنه جمال بعد أن عارضه طويلاً، وأصم أذنه عن دعوات التغيير التى كانت تموج بها البلاد، وأخفق فى خطابه إلى أجيال مصر الجديدة وغفل عن الاستقطاب الاجتماعى الحاد الذى باعد بين فئات المجتمع، بقدر هذه المسئولية كان الرئيس الاسبق ضحية لخطط إدارة أوباما فى نشر الفوضى البناءة فى الشرق الاوسط وترتيباته العملية التى حرضت علنا على إنهاء فترة حكمه ورتبت لجزء من أحداث ثورة 25 يناير لايزال موضع التباس شديد يحتاج الى جهد المؤرخين لإجلاء غموضه.
وأيا كانت ملاحظات البعض على هذا الحدث التاريخى المهم، فربما تكمن أهميته الكبرى فى أنه حدد بصورة قاطعة ونهائية فترتين فقط لحكم أى رئيس مصري، قننهما الدستور الجديد ليصبحا من ثوابت نظام الحكم فى مصر بما جعل من الصعوبة بمكان تغييرهما مرة أخري، لكن مامن شك أن للرئيس مبارك إنجازاته المهمة، ابتداء من كونه أحد ابطال حرب اكتوبر المجيدة وصانعيها الى أنه أنجز تحولا اقتصاديا سلسا فتح المجال لمشاركة القطاع الخاص وتشجيع المشروع الفردى دون سقف أو حدود، وحافظ على كل شبر من أرض مصر الطيبة وقاوم لآخر فترة من حكمه ضغوط الأمريكيين كى يبقى القرار المصرى قرارا وطنيا، ومثل كل حاكم مصرى شهدت فترة حكمه إنجازات كبيرة وإخفاقات أخرى لاتقل أهمية، يحسن تركهما معا لعكم التاريخ، لكن مبارك كان باليقين حاكما وطنيا لم يخن ولم يتخاذل ولم يفرط وحاول الاصلاح قدر المستطاع، وإن كانت قرون إستشعاره تجاه المستقبل قد ضعفت كثيرا مع كبر سنه.
وعلى المستوى الإنسانى كان مبارك كبيرا حين قرر البقاء فى وطنه بعد أن أسقطت الجماهير حكمه فى ظروف كان يسهل فيها مغادرة البلاد، لكنه أثر البقاء ورضخ لحكم القانون وجلس فى قفص الاتهام يدافع عن نفسه وحكمه، وطالت محاكمته لأكثر من خمس سنوات تحمل خلالها الكثير قبل أن تصدر محكمة النقض حكما صحيحا باتا ونهائيا لقى أصداء طيبة فى الشارع المصري، يبرئه من تهمة قتل المتظاهرين
أرسل تعليقك