بقلم : مكرم محمد أحمد
أثبتت حكومة المهندس شريف إسماعيل ـ التي كثيرا ما تم اتهامها بافتقاد الحسم ـ أنها اكثر حكومات مصر قدرة علي الحسم واتخاذ القرار، عندما ملكت شجاعة أن تصدر في ضربة واحدة وتوقيت مفاجئ قرار تعويم الجنيه عند حدود 13جنيها للدولار بفارق خمسة جنيهات عن سعر الصرف الأخير، ترتفع او تهبط بنسب هامشية يحددها كل بنك وفق رؤيته للعرض والطلب، مصحوبا بقرار رفع أسعار الوقود بنسب تتراوح ما بين 40و25 بالمائة ليتجرع الجميع كأس الإصلاح مرة واحدة، لأن الأمور لم تعد تحتمل المماطلة والتسويف والإرجاء المستمر الذي درجت عليه حكومات سابقة، إلى أن أصبحنا أمام خيار وحيد، الإصلاح أو الموت!.
نعم الإصلاح أو الموت لأننا درجنا منذ عقود علي أن ننفق بأكثر مما نكسب، ونشتري بأكثر مما نبيع، ونستدين بأكثر من قدرتنا علي السداد إلي أن بلغ عجز الموازنة وعجز الميزان التجاري نسبا غير صحية، وزاد من سوء الموقف هروب الدولار من البنوك إلي السوق السوداء وارتفاع سعره بسبب نقص المعروض والمضاربة عليه، وتآمر جماعة الإخوان المسلمين التي مولت النسبة الأكبر من سوق الدولار السوداء في مصر ودول الخليج.
ويزيد من شجاعة حكومة المهندس شريف إسماعيل أن تصدر هذه القرارات الصعبة رغم حملات التخويف المستمرة من ردود أفعال هذه القرارات المتوقعة علي الشارع المصري، الذي يعاني غلاء الأسعار ومضاربات التجار وجشع المحتكرين الذين يحتجزون السلع الأساسية عنوة لتحقيق أرباح مهولة، ورغم تهديدات جماعة الإخوان المسلمين بالخروج في تظاهرات مسلحة يوم 11/11 بدأ واضحا مقدماتها في تفجير سيارتين مفخختين وسط القاهرة استهدفتا قاضيين جليلين، فضلا عن تصعيد أعمال العنف وسط وشمال سيناء.
وأغلب الظن ان حكومة المهندس شريف إسماعيل تراهن علي وعي الشعب المصري وتمسكه بالحفاظ علي دولته، وحبه الجارف لوطنه وثقته الشديدة في رئيسه عبدالفتاح السيسي، وإيمانه العميق بان مصر سوف تقبل التحدي وتتحمل المصاعب وتعبر عنق الزجاجة لتصبح أكثر قدرة علي مواجهة تحديات المستقبل وتحسين مستويات جودة حياة كل فئات شعبها.. وما ينبغي أن يدخل في يقين المصريين أن إجراءات توحيد سعر الصرف وحصر الدعم في فئات الشعب التي تحتاجه بالفعل مجرد إجراءات تمهيدية لإصلاح الأرض والمناخ ومضاعفة الكد والعمل وزيادة حجم الإنتاج والإنتاجية، ورفع صادراتنا إلي حدود توازن وارداتنا، وسد ثقوب الإهمال والتسيب والفساد كي تصبح مصر كتلة من الصمود والتحدي تصنع مستقبلها اعتمادا علي تضحياتها.
أرسل تعليقك