بقلم- - مكرم محمد أحمد
دخلت تركيا طرفاً داعماً بقوة فى مساندة الميليشيات العسكرية التى تحكم مدن الغرب الليبى، بعد أن أعلن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان رفضه العملية العسكرية التى أطلقها الجيش الوطنى الليبى بقيادة حفتر لتحرير العاصمة طرابلس من سيطرة الميليشيات، وأعلن أحمد المسمارى المتحدث باسم الجيش الوطنى الليبى أن سفينة تحمل اسم أمازون محملة بأسلحة وآليات عسكرية تركية قادمة من ميناء سامسون التركى وصلت إلى ميناء طرابلس الليبى الخاضع لسيطرة الميليشيات العسكرية فى أبرز الشواهد الأخيرة على الدعم التركى المتواصل للميليشيات المتطرفة فى طرابلس، خاصة بعد الزيارة المهمة إلى تركيا التى قام بها وزير الداخلية فى حكومة فايز السراج فتحى باشا أغا والقيادى فى تنظيم جماعة الإخوان المسلمين خالد المشرى فى مطلع مايو الحالى، وأن هناك دعماً عسكرياً تركياً متواصلاً لميليشيات طرابلس.
وأكد المسمارى المتحدث باسم الجيش الوطنى الليبى أن قوات الجيش الوطنى أسقطت أخيراً طائرة دون طيار تابعة لميليشيات طرابلس فوق قاعدة الجفرة الجوية فى قلب الصحراء الجنوبية، وقالت وسائل إعلام ليبية إن الطائرة تتبع الكلية الجوية فى مصراته وهى تركية الصنع وقد أسقطت فور دخولها المجال الجوى لقاعدة الجفرة الجوية بعد منتصف ليل الثلاثاء، وأظن أنه لم يعد خافياً على أحد حجم التدخل التركى المتزايد فى الشأن الليبى أو دوافعه منذ بدأت الأزمة عام 2014، ثم جاء ضبط السفينة أمازون التى خرجت من ميناء سامسون التركى فى التاسع من مايو، محملة بآليات عسكرية وأسلحة تركية متنوعة، حسبما أظهرت الصور التى التقطت على متنها لتؤكد تصميم تركيا على العبث بأمن ليبيا الوطنى .
ومنذ خسارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان عددا من البلديات أهمها بلديتا أنقرة وإسطنبول وأردوغان يلقى اللوم تارة على المعارضة وتارة على الغرب، وتارة على حلفائه وأنصاره، كما عبر أخيراً عن بالغ استيائه من اتجاهات التصويت فى الانتخابات المحلية الأخيرة قائلا: إن حزبه ملأ بطون الناخبين لكنهم صوتوا للمعارضة!، ورغم فوز مرشح حزب الشعب المعارض أكرم إمام أوغلو بأغلبية عالية أكدتها عملية إعادة فرز الأصوات مرة ثانية، صدر قرار اللجنة العليا للانتخابات بإعادة الانتخابات فى بلدية إسطنبول، حيث يعاود 15 مليون ناخب الانتخاب مرة أخرى فى يونيو المقبل، بينما يؤكد المحللون أن النتيجة سوف تتكرر وأن أردوغان سوف يلقى هزيمة ثانية بسبب الغضب الشعبى من إعادة الانتخابات دون وجه حق، فضلاً عن السياسات الاقتصادية والممارسات غير الديمقراطية للحزب الحاكم، وفى إطار تصميم الرئيس التركى على شراء منظومة الدفاع الصاروخية الروسية إس 400, يبدو واضحاً أن الأمريكيين مصممون على عقاب أردوغان رغم تأكيدات أردوغان فى لقاء أخير مع طلاب جامعة إسطنبول أن تركيا سوف تحصل على طائرات إف 35 الأمريكية إن عاجلاً أو آجلاً، وزعم الرئيس التركى أن الأمريكيين يمررون الكرة فى منتصف الملعب الآن، ويعبرون عن رفضهم لكن تركيا سوف تتسلم طائرات إف 35 الأمريكية آجلاً أو عاجلاً، وهو الأمر الذى تنكره وتنفيه تأكيدات الأمريكيين المتكررة، لكن الواضح فى كل الأحوال أن فرص أردوغان فى اللعب على الطرفين تقل وتضيق ، وأنه يجد نفسه الآن محشوراً فى الزاوية الضيقة لا يملك خيارات عديدة، وأن عليه أن يضيق فرص المناورة واللعب على كل الأطراف.
ورغم أن أردوغان يحاول توسيع نطاق تدخله فى الشأن الليبى ويستعين على ذلك بمحاولة إحياء دور لداعش فى الأزمة الليبية، كما فعل سابقاً فى الأزمة السورية، إلا أن الواضح أن الجيش الوطنى الليبى بقيادة حفتر يحقق كل يوم المزيد من المكاسب ويوسع نطاق سيطرته على حساب ميليشيات طرابلس التى تعانى الحصار وضمور المساندة الشعبية واتساع نطاق عزلتها.
نقلا عن الأهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك