بقلم : مكرم محمد أحمد
فاجأ الرئيس الروسي بوتين الامريكيين والسوريين والغربيين وكل اطراف الازمة السورية بقرار سحب الجزء الاكبر من قواته في سوريا الذي بدأ تنفيذه بالفعل يوم صدروره ليصيد عددا من العصافير بضربة واحدة كما يقولون، خاصة ان التدخل العسكري الروسي في الازمة السورية قبل ستة اشهر نجح في تثبيت وجود موسكو العسكري والسياسي شرق المتوسط، وألزم الغرب والأمريكيين بالاعتراف بدور موسكو والاقرار بضرورته، كما مكن نظام بشار الاسد الذي كان آيلا للسقوط من استعادة اكثر من 4 آلاف ميل مربع من الاراضي التي فقدها!.
ويهدف القرارالروسي إلي توفير الكلفة الضخمة التي تتحملها موسكو، والحيلولة دون ان تتحول الازمة السورية إلي مستنقع تغرق فيه القوات الروسية كما حدث في افغانستان، كما يهدف القرار إلي تحسين صورة الرئيس الروسي في عيون الغرب والامريكيين وإثبات جدية سعيه إلي الوصول إلي تسوية سياسية للأزمة السورية، واظن ان واحدا من اهداف القرار تطويع ارادة الرئيس السوري بشار الاسد وإلزامه التجاوب مع عناصر مبادرة السلام التي تنطوي علي كتابة دستور جديد للبلاد واجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في غضون 18شهرا، فيما يمكن اعتباره ردا علي وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي اعلن قبل يوم واحد من بدء اعمال مؤتمر جنيف،ان مصير بشار الاسد خط أحمر وليس من حق المبعوث الاممي دي ميستورا الحديث عن انتخابات رئاسية، الامر الذي استنكره الامريكيون كما استنكره المبعوث الاممي والمعارضة السورية. صحيح ان روسيا سوف تحتفظ بقاعدتها العسكرية في منطقة حميميم قرب اللاذقية ، وسوف تبقي علي شبكة الدفاع الجوي من صواريخ إس400 لفترة أطول تعمل خلالها كرادع يمنع الاتراك من استخدام سلاحهم الجوي ضد سوريا،لكن الصحيح ايضا ان سحب الجانب الاكبرمن القوات الروسية يعني أن علي الحكم في دمشق ان يتحمل مسئولياته في اتخاذ القرارات الصعبة التي تتطلبها عملية التسوية السياسية..،وكما رحب الرئيس الامريكي اوباما بقرار بوتين واعتبره خطوة مهمة علي طريق التسوية السياسية للازمة، رحب المبعوث الاممي دي ميستورا بالقرار الروسي، الذي توافق مع بدء جولة مفاوضات جديدة لمؤتمر جنيف سوف تستمر 10ايام في اطار خيارين لا ثالث لهما، انجاز تسوية سلمية تقوم علي دستور جديد واجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة او تصعيد الحرب بصورة مخيفة تزيد من حجم الكارثة الانسانية التي يعيشها الشعب السوري وتهدد بقاء الدولة السورية.
أرسل تعليقك