بقلم/د.أسامة الغزالى حرب
«الطريق إلى جهنم محفوف بالنوايا الطيبة» هذا قول صحيح تماما، وهو ينطبق- أكثر ما ينطبق، فى تقديري- على الأزهر الشريف. الأزهر هو أحد ملامح وقلاع مصر الإسلامية، ومنارتها التى تشع الإسلام المعتدل والمستنير إلى العالم الإسلامى كله، من المغرب غربا إلى إندونيسيا شرقا. ولن أنسى أبدا عندما كنت فى جاكارتا منذ نحو عشرين عاما أو أكثر، حيث كان الناس يقبلون علينا فرحين وسعداء لأننا من بلد الأزهر! كان مشهدا رائعا له دلالاته التى لا تخفي.
غير أن النوايا الطيبة للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، دفعته لأن يستفيد من هذه المكانة للأزهر، بأن يفتحه للكليات العملية مثل الهندسة والطب و العلوم و التجارة...إلخ آملا أن يذهب مبعوث الأزهر حاملا معه ليس فقط العلوم الشرعية وإنما أيضا خبرته وعلومه المدنية! ولكن هذا لم يحدث أبدا! فخريجو المعاهد الأزهرية المتفوقون، اتجهوا إلى كليات القمة، أى الهندسة والطب والعلوم والتجارة... وأضحت كليات الأزهر الأصلية (الشريعة، واصول الدين، و اللغة العربية) هى كليات القاع التى يتجه إليها أصحاب أقل المجاميع فى الثانوية الأزهرية..
وكان هؤلاء بالطبع من خرج منهم الدعاة و خطباء المساجد.. الذين تجرأ عليهم ونافسهم وزاحمهم كوادر الإخوان لاختطاف الدعوة الإسلامية وتسييسها. إننى اعتقد أنه آن الأوان لعودة الأزهر إلى رسالته الأصلية المهمة جدا والمطلوبة جدا كمنارة للاسلام المعتدل الذى احتضنه الأزهر ورعاه طوال عمره الطويل الحافل، ويعود ليجتذب أفضل تلاميذ معاهده لدراسة العلوم الدينية والشرعية، الأمر الذى يحتم فصل الكليات المدنية عن الدينية فى جامعة مدنية مستقلة مفتوحة لكل المواطنين، وليس أبدا على أى أساس ديني، يتعارض مع مبادئ المواطنة و المساواة. وأعتقد أنه آن الأوان لتصحيح ذلك الوضع، ولعودة الأزهر إلى مكانته التى رسخها عبر تاريخه العظيم .
أرسل تعليقك