بقلم/د.أسامة الغزالى حرب
أكتب هذه الكلمات صباح الإثنين (17/4) يوم شم النسيم من رأس البر، فكل عام أنتم بخير. والواقع أننى لم أتمكن أمس من النوم قبل ساعات الصباح الأولى بسبب الاحتفالات الصاخبة التى صاحبت قدوم مئات الآلاف من المحتفلين إلى المدينة طوال الليل ليقضوا يومهم على شاطئ النيل أو على شاطئ البحر، فضلا عن اى رقعة خضراء بالمدينة. لقد تدفق هؤلاء من محافظات شمال الدلتا بالأساس فى عادة سنوية تتكرر فى كل محافظات مصر، متجهين جميعا إلى نهر النيل، وإلى الحدائق والحقول.
نعم، هو تقليد مصرى عريق يعود إلى آلاف السنين، ولكن- مثل كل عام أيضا- تتعالى أصوات نشاز تغتصب لنفسها الحديث باسم الإسلام، بل وتمتلك الجرأة لتحرم هذا وتحلل ذاك، و كان آخر ما قرأته فى هذا الموضوع فتوى منسوبة لشخص اسمه سامح عبد الحميد، يوصف بأنه داعية، قال فيها «شم النسيم هو ذكرى فرعونية ثم ارتبطت بالنصرانية، والمسلمون لا يحتفلون بمثل هذه المناسبات ، و لا تجوز المشاركة فى هذا اليوم بأى مظهر من مظاهر الاحتفال، فلا يجوز أن يبيع لهم الفسيخ....إلخ» (البوابة نيوز 13/4).
وهذا الكلام ردده آخرون قبله نعرفهم، و لكن لحسن الحظ أن ملايين المصريين بحسهم الشعبى الاصيل، وباعتدال تفكيرهم الفطرى، لا يأبهون بتلك الترهات، ويقبلون بالملايين على الاحتفال بالمناسبة الاجتماعية دون شعور بأى تناقض بين معتقدهم الدينى الصادق والعميق، وبين عاداتهم المحببة لديهم، والتى تدخل السرور والبهجة إلى قلوبهم. وحسنا فعلت دار الإفتاء بإصدار بيانها على الفيس بوك بأن شم النسيم «عادة مصرية ومناسبة اجتماعية ليس فيها شىء من الطقوس المخالفة للشرع، ولا ترتبط بأى معتقدات تنافى الثوابت الإسلامية وإنما يحتفل المصريون بهذا الموسم بإهلال الربيع وبالترويح عن النفس وصلة الأرحام، وزيارة المتنزهات و ممارسة بعض العادات القومية كتلوين البيض و أكل السمك، وكلها أمور مباحة شرعا». شئ رائع، لكن بعض الشباب قليلى العلم و قليلى الخبرة ينخدعون بالفتاوى الشاذة، التى تكون فى الحقيقة هى البذرة الأولى للتطرف و الإرهاب. وهنا أطرح تساؤلا مكررا: أين تجديد الخطاب الدينى؟!
أرسل تعليقك