بقلم : د. أسامة الغزالى حرب
عندما نحت فنان مصر العبقرى محمود مختار تمثال نهضة مصر، متواكبا مع روح ثورة مصر القومية فى 1919 لم تكن مصادفة أبدا أنه اختار المرأة المصرية، الفلاحة المصرية، رمزا لمصر، وهى تستنهض أبا الهول! نعم...المرأة المصرية. كان أمرا بديهيا فى ذهن ذلك الشاب الموهوب الذى كان يدرس النحت فى باريس فى ذلك الوقت، أن روح مصر إنما تعكسها وتجسدها المرأة المصرية بأصدق ما يكون. فى هذا السياق، فإنني-مثل كل المصريين- شعرت بالارتياح الشديد لقرار الرئيس السيسى هذا الأسبوع بتكليف وزير الداخلية بسداد ديون جميع الغارمات فى السجون المصرية من صندوق تحيا مصر لتقضى 960 غارمة العيد وسط أهلها. ولقد سبق لى أن كنت عضوا فى المجلس القومى للمرأة وكانت إحدى الظواهر التى لفتت نظرى بشدة فى المجتمع المصرى ظاهرة المرأة المعيلة، أى المرأة التى تعيل أسرتها بعد أن فقدت عائلها، أو حتى لم تفقد عائلها وإنما امتنع هو طواعية عن العمل على أساس أنه يكفيه أن يوفر لها ضلِ الراجل الذى تحتاجه بدلا من ضلِ الحيط! وفى الواقع فإن ظاهرتى المرأة المعيلة، والمرأة الغارمة، إنما تعكسان مجرد جانب محدود للغاية من العبء الذى ينوء به كاهل ملايين النساء الفقيرات فى مصر، واللاتى يعملن بدأب وفى صمت لرعاية ذويهن، وتوفير حياة كريمة لهم، يدفعن ثمنها، برضا وعن طيب خاطر! ويقينا فإن كلا منا يعرف حوله امرأة أو أكثر من هذا النوع، خاصة من اللاتى يعملن فى المنازل على نحو دائم أو باليومية. إنهن يكافحن لئلا يكن فى يوم ما من الغارمات، ولكنهن جميعا- بامتياز- معيلات! إنهن نماذج إنسانية راقية ولكننا لم نعتد على الالتفات إليهن، بل لقد وقر فى أذهان البعض من الطبقات الوسطى أو العليا أنهن من العبيد أو يكدن! تهنئة للغارمات اللاتى تحررن من غرمهن، وتحية واحتراما لكل المعيلات المكافحات فى كل أنحاء مصر.
المصدر : جريدة الأهرام
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك