بقلم/ د.أسامة الغزالى حرب
قلة نادرة من البشر يمكن أن نقابلهم فى حياتنا تشبه شخصية الدكتور خير الدين حسيب، مدير مركز دراسات الوحدة العربية فى بيروت، والذى أعلن منذ نحو ثلاثة أسابيع اعتزاله ذلك المنصب. د. حسيب الذى بلغ هذه السنة عامه الثامن والثمانين، أسس وأدار مركز دراسات الوحدة العربية فى بيروت فى عام 1975 أى أنه قضى نصف عمره بالكامل فى موقعه ذلك، فى خدمة القضية التى يؤمن بها، وعاش من أجلها: القومية العربية والوحدة العربية. ومن خلال عدد هائل من الكتب التى أصدرها المركز، ومن خلال الندوات الكبرى وحلقات النقاش التى نظمها، وأيضا من خلال مجلة «المستقبل العربى» ترك خير الدين حسيب تراثا هائلا، وثروة علمية خصبة ومتنوعة لا تقدر بمال، تشكل أساسا متينا لأى عمل وحدوى عربى، بأى صيغة ولأى مضمون. واستطاع خير الدين حسيب من خلال موقعه هذا أن يجذب للعمل مع المركز أفضل وأبرز الباحثين العرب، من كل البلدان العربية بلا استثناء. وكانت ندواته وحلقاته النقاشية بوتقة تعارف من خلالها الباحثون العرب من مختلف الأقطار العربية، فوضع بذلك أساسا لبلورة جماعات بحثية عربية فى معظم فروع المعرفة: السياسة والاقتصاد والاجتماع ...إلخ كما تصدى المركز فى ظل قيادة د. حسيب لدراسة وتحليل علاقات العرب بالعالم من حولهم فى جميع الميادين.
وبعبارة واحدة، ترجم حسيب فكرة العروبة فى شبكات من العلاقات والتفاعلات بين الكوادر والأجيال العلمية العربية فى كل المجالات علي نحو غير مسبوق من قبل. إننى أدعو جامعة الدول العربية وأمينها العام الدبلوماسى البارز أحمد أبو الغيط إلى تكريم خاص لخير الدين حسيب، يليق بما قدمه للفكر القومى العربى وللعمل العربى المشترك. خير الدين حسيب وضع اسمه بجدارة مع النجوم الساطعة فى تاريخ العروبة والدعوة للوحدة العربية بدءا من نجيب عازورى .. وحتى ساطع الحصرى وقسطنطين زريق وغيرهم من أعلام العروبة الكبار.
أرسل تعليقك