بقلم - صلاح منتصر
حكى لى رجل أعمال أثق فيه أنه عين 200 عامل جديد فى مصنعه فى برج العرب وفر لهم بجانب رواتبهم مساكن يقيمون فيها ومواصلات تنقلهم من المصنع إلى المسكن وبالعكس ووجبات طعام خلال فترة العمل . وانتظر رجل الأعمال أن يجد تأثير ذلك فى الإنتاج, لكنه فوجئ بعد شهرين بتقدم 204 عمال باستقالاتهم من العمل . أى أن العمال الجدد سحبوا معهم أربعة من القدامى, وكانت حجة الجميع أن ظروف العمل صعبة عليهم!!
ومثل هذه الحكاية سمعتها من أصحاب مصانع كثيرين لديهم فرص عمل برواتب مناسبة لكن المشكلة أن معظم العمال تعودوا على الراحة والتهرب بحجة أن المكان بعيد, أو غير مناسب لمؤهلاتهم, أو وغير ذلك من الأسباب الواهية التى تدل بكل أسف على الواقع الذى يعيشه عدد كبير من الشباب لم يقدروا بعد صعوبة الظروف التى يمر بها الوطن وانتهاء عصر تدليل الحكومة فى فترة الاشتراكية عندما كانت تتولى تعيين الخريجين دون اهتمام بما يؤدونه مما أدى إلى الخسائر المتتالية فى شركات القطاع العام وجميع المواقع التى تعانى مشكلة الزيادة فى العمالة . وحسب تحليل أحد رجال الأعمال المخضرمين, فإنه لسنوات طويلة كانت البطالة أرخص كثيرا من العمل ، فقد كان يكفى الشاب خمسة جنيهات يأخذها من أبيه أو أمه ويمضى طول النهار على مقهى يتغدى ويتعشى فيه بأربعة سندوتشات وكوبى شاى ونصف علبة سجاير ، وهو أيضا ماكان يفعله العامل الحرفى الذى يعمل يومين أو ثلاثة, ثم يجد مافى جيبه كافيا لتمضية باقى الأسبوع مع زملائه على المقاهى.
وهذا الموروث مازال مستمرا وإن بدأت الشكوى لأن تكاليف البطالة ارتفعت بصورة واضحة وأصبح ماكان يكلف خمسة جنيهات من سنتين تصل تكلفته اليوم إلى 50 جنيها . لكن المشكلة هى تعود الكسل وعدم المسئولية . وبينما كان تعبير «الأيدى الناعمة» يطلق قديما على أصحاب الذوات أو الأغنياء الذين لايعملون ولايفيدون مجتمعهم، فإن هذا التعبير أصبح يمكن إطلاقه على الذين لايرون التغير الذى حدث, ويقتضى التنازل عن كثير من ميزات عصر مضى .مطلوب تغير تفكير الذين يفضلون البطالة أو يريدون أعمالا على مقاسهم ويدركون أن العالم تغير .
أرسل تعليقك