بقلم ـ د. وحيد عبدالمجيد
تزداد أزمة فيسبوك تفاقماً بسبب تهاون إدارته فى حماية البيانات الشخصية لمستخدميه، أو تواطئها مع من يستخدمها من وراء ظهورهم. وتهتز ثقة عدد متزايد من مستخدميه نتيجة إساءة استخدامه سعياً إلى أهداف سياسية، وانتشار الأخبار المزيفة فيه.
ولا يوجد حتى الآن ما يدل على أن لدى إدارة فيسبوك رؤية واضحة لإدارة هذه الأزمة ومعالجة تداعياتها. لم يتضح بعد ما ستفعله لضمان عدم استخدام البيانات الشخصية لأغراض تجارية أو غيرها. كما أن محاولتها وضع حد للأخبار المزيفة محصورة فى فرض رقابة على المحتوي. ولكن الرقابة لا تكفي، فضلاً عن عدم ضمان أنها لن تتجاوز حدودها.
وهذا ما بدأ يحدث بالفعل كما يتضح من امتداد الرقابة إلى مساحات تتعلق بالتراث الأثرى والإبداع الفني. فقد حجب القائمون على الموقع صورة تمثال من الحجر الجيرى مُصنف ضمن روائع فنون المرحلة الأخيرة فى العصر الحجرى القديم، والقليلة أصلاً، وهو تمثال «فينوس ولندروف».
السبب الذى سيق لتبرير الحجب غريب ومدهش عندما يتبناه أمريكيون يُفترض أنهم نشأوا فى بيئة ثقافية مفتوحة ومنفتحة، وعرفوا معايير تقييم الأعمال الفنية0 قيل إن التمثال، الذى يستمد اسمه من قرية ولندروف النمساوية التى اكتُشفت فيها، وإلهة الحب والجمال فى الأساطير الرومانية فينوس، على شكل امرأة عارية رغم أنه لا يُظهر أى تفاصيل، ولا يزيد طوله على ربع متر وفق أقصى التقديرات.
وقد عاد فيسبوك واعتذر عن حجب صورة التمثال، بعد ردود فعل واسعة صدر أهمها عن متحف التاريخ الطبيعى فى فيينا، والذى يُعرض هذا التمثال، حيث أعلن رفضه حظر أى عمل فنى أو قطعة أثرية، ودفاعه عن حق الناس فى الاتصال بالفنون والآثار.
كما تم غلق حساب وضع صاحبه عليه صورة للوحة أصل العالم المشهورة التى رسمها الفنان الفرنسى الكبير جوستاف كوربيه عام 1866 بالزيت، وأثارت جدلاً لا يزال مستمراً بين النقاد حول قصتها.
ويتفق النقاد الذين اهتموا بهذه اللوحة على أنها عمل فنى يثير التأمل والتفكير ويدفع إلى الفضول، لا إلى الإثارة، الأمر الذى يتعذر معه اعتبارها إباحية. وينطبق ذلك من باب أولى على تمثال فينوس ولندروف، الذى نُحت حين كان البشر فى مرحلة بدائية.
المصدر : جريدة الأهرام
أرسل تعليقك