بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
ليس هناك ما يدل على أن منظمى المؤتمر السنوى للمنتدى الاقتصادى العالمي، المعروف باسم منتدى دافوس، معنيون بأزمة التفاوت الاجتماعى الذى تزداد حدته، وينذر بأخطار كبيرة.
يُعقد المؤتمر السنوى الرئيسى للمنتدى هذا العام فى ظروف أفضل نسبياً للاقتصاد العالمي، بعد تجاوز كثير من تداعيات الأزمة المالية الكبيرة التى ضربته قبل نحو عشر سنوات. ولكن التحسن النسبى فى الاقتصاد العالمى لا يرافقه أى تقدم فى معالجة الاختلالات الاجتماعية المتزايدة فى الدول الأكثر تقدماً، كما فى غيرها، نتيجة ازدياد التفاوت بين دول العالم, وداخل الكثير منها.
لم يترك كتاب عالم الاقتصاد الفرنسى توماس بيكيتى «رأس المال فى القرن الحادى والعشرين»، الذى كشف مدى خطر التفاوت الاجتماعى اعتماداً على منهج علمى وبحث عميق، أثراً فى مؤتمرات دافوس الثلاثة الأخيرة التى عُقدت بعد إصداره عام 2014. فهل يعنى هذا أن منتدى دافوس مُحَّصن ضد القضايا التى لا تعنى الشركات الكبرى الأعضاء فيه؟
هذا سؤال لابد أن تختلف الاجتهادات فى الإجابة عنه. ولكن مشكلة المؤتمر الذى بدأ امس أبعد من ذلك، لأسباب أهمها العمومية المفرطة لموضوعه الرئيسي، وهو «الأسباب والحلول العملية للانقسامات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتنوعة التى تواجه المجتمع العالمي».
وربما يوحى وجود الانقسامات الاجتماعية فى عنوان موضوع المؤتمر بإمكان حضور مسألة التفاوت فى أعماله. ولكن مفهوم التفاوت ودلالته فى الوقت الراهن يختلف عن مفهوم الانقسام، سواء على المستوى الاجتماعى أو غيره.
كما أن الاهتمام بمسألة الانقسام يأتى فى سياق تعزيز التعاون فى المجتمع الدولي. ولذلك يندرج الانقسام المقصود هنا فى إطار التجزئة، وليس التفاوت، وفق ما يُستفاد من شعار المؤتمر لهذا العام وهو «تعزيز التعاون فى عالم مجزأ»، وحسب ما يُفهم من خطاب منظميه الذى يركز على أن الهدف من هذا التعاون هو مواجهة الأخطار الاقتصادية، دون أى إشارة إلى التحديات الاجتماعية التى تبدو اليوم أكثر خطراً من غيرها، ومقارنة بأى وقت مضي.
وإذا صح هذا الاستنتاج، فهو يعنى أن منتدى دافوس ماض دون توقف فى منهجه الذى يفصل النمو الاقتصادى عن المسألة الاجتماعية على نحو قد تكون تكلفة فادحة إن عاجلاً أو آجلاً.
أرسل تعليقك