بقلم/د. وحيد عبدالمجيد
عندما شرعتُ فى قراءة كتاب د. على السلمى الجديد “جامعات المستقبل فى زمن التميز والعالمية”، كانت وكالات الأنباء تنقل البيان الصادر عن عمداء كليات جامعة أوكسفورد المتميزة، الذى عبروا فيه عن قلقهم لرفض الحكومة ضمان أوضاع الأساتذة الأوروبيين غير البريطانيين ضمن ترتيبات الخروج من الاتحاد الأوروبى. ونبهوا إلى أن رحيل هؤلاء الأساتذة (سيلحق ضرراً بتميز جامعاتنا وبمستقبل البحث العلمى فى بريطانيا). وهكذا انطلق عمداء أوكسفورد من المفهوم الذى يخصص د. السلمى كتابه لشرحه، وهو أن تميز الجامعات يعنى مجتمعاً متميزاً ودولة ناجحة، والعكس. وهو يتناول هذا المفهوم فى 13 فصلاً تشمل غايات الجامعات فى العالم المعاصر، ومفاهيم إدارة التميز الجامعى، والفكر الاستراتيجى كأساس لتحقيق هذا التميز، وموقع الجامعات الحديثة فى زمن العولمة، وتطوير إدارة المهام الأكاديمية الجامعية، وعلاقة البحوث والأنشطة العلمية بالتميز, وتفعيل نظم ضمان الجودة فى الجامعات، وكيفية تطويرها تنظيمياً وتشريعياً، وصولاً إلى تطوير منظومة الجامعات المصرية، سعياً لتأهيلها للمنافسة فى التصنيفات الإقليمية والعالمية. وهذا كتاب بالغ الأهمية لكل من يعنيه إنقاذ جامعاتنا التى تزداد المسافة كل يوم بينها وبين مقومات التميز فى العالم الراهن، وتتحول إلى “ماكينات” عمياء تضخ أعداداً من الخريجين الذين يخرج معظمهم منها كما دخلوها.
ومن بين عشر مشكلات رئيسية يرى د. السلمى أن منظومة التعليم الجامعى فى مصر تعانى منها، تبدو مشكلتا الجمود الهيكلى والتنظيمى، وتقادم التقنيات التعليمية، هما الأهم. ورغم أن تهافت دور جامعاتنا فى البحث العلمى يُعد أخطر جوانب الخلل فيها، يجعله المؤلف جزءاً من مشكلة انصراف أغلب أعضاء هيئات التدريس عن العمل البحثى إلا لأغراض الترقية. ولكن تأمل المشكلات التى يتناولها بالتحليل يُفيد بأن هذا الخلل محصلة لها، وأن إصلاحه يُعد أحد أهم مداخل إنقاذ جامعاتنا ضمن الرؤية التى يقترحها لتطوير ما يسميه إدارة المنظومة الوطنية للتعليم الجامعى. كما يقترح قانوناً جديداً لتنظيم الجامعات، ويُحدَّد أهدافه والمبادئ التى يقوم عليها، فى إطار رؤية متكاملة تجعل هذا الكتاب مرجعاً أساسياً ستزداد أهميته عندما ندرك أن الجامعات الناجحة صارت من أهم مقومات نجاح أى دولة تريد أن تلحق بالعصر الراهن، ونعقد العزم على إنقاذ جامعاتنا من حالة محزنة باتت فيها.
أرسل تعليقك