بقلم ـ د. وحيد عبدالمجيد
ليس غريباً أن يرشح أعضاء فى البرلمان النرويجى حركة «بى. دى. إس» التى تعمل من أجل مقاطعة إسرائيل وفرض عقوبات عليها، للحصول على جائزة نوبل للسلام للعام الجارى (2018). فهذه ليست المرة الأولى التى يتخذ فيها نرويجيون مواقف تعبر عن تضامنهم مع حقوق الشعب الفلسطينى، ورفضهم ممارسات الاحتلال الإسرائيلى. يتبنى الاتحاد النرويجى لنقابات العمال، على سبيل المثال، الدعوة إلى مقاطعة إسرائيل اقتصادياً وثقافياً وأكاديمياً، ويدعم حركة «بى. دى. إس» التى رشحها نواب فى برلمان النرويج لنيل جائزة نوبل.
وسبقهم إلى هذا الموقف عدد من فنانى المسرح الوطنى النرويجى عندما أعلنوا فى سبتمبر 2016 وقف التعاون الفنى مع مسرح هابيما، الذى يعد المسرح الوطنى فى إسرائيل، والاعتذار، لأنهم لم يبحثوا جدياً فى طبيعة الصراع على فلسطين، وتخيلوا أن الحوار الثقافى يمكن أن يسهم فى حله. ومازال الفيديو الذى ظهرت فيه جيرترودا سيجا معتذرة بشدة عن هذا التعاون مثيراً للشجون، وللأمل أيضاً فى أن عدالة القضية الفلسطينية يمكن أن تبقيها حية رغم كل المحن. عدتُ إلى هذا الفيديو قبل أيام عندما قرأت نبأ ترشيح أعضاء فى البرلمان النرويجى حركة «بى. دى. إس» الفلسطينية لنيل جائزة نوبل. وبدا لى، مثل كل مرة شاهدته فيها، أننى أسمع ما قالته الفنانة النرويجية للمرة الأولى، وأتأمل قولها: «باسم ابسن وسوفوكليس» نعتذر عن العمى الذى أصابنا حين كنا نتعاون مع إسرائيل.
ظل موقفها مؤثراً رغم إعلان مدير المسرح الوطنى النرويجى أنه ضد مبدأ المقاطعة، وأنه مع وقف جزئى فقط للتعاون مع مسرح هابيما، لأنها تحدثت باسم رائدين يجلهما المسرحيون فى العالم. فأما هنريك إبسن النرويجى فهو يعد «أب المسرح الحديث» عموما، وليس فى القرن التاسع عشر الذى شهد إبداعه فقط0 وأما سوفوكليس فهو أبرز الرواد الثلاثة للمسرح التراجيدى فى اليونان القديم، إلى جانب إسيخيلوس، ويوربيدس. وكلما سمعت حديثها عن أن الصراع فى فلسطين بين دولة احتلال وشعب مستباحة حقوقه، وليس صراعاً بين طرفين متساويين يحتاج إلى حوار ثقافى لإزالة الكراهية، تذكرتُ ما كتبه الراحل الكبير السيد يسين، الذى حلت ذكراه الأولى قبل أيام، فى نقد مفهوم الحاجز النفسى بين العرب وإسرائيل حين طُرح بعيد «كامب ديفيد».
المصدر : جريدة الأهرام
أرسل تعليقك