بقلم/د. وحيد عبدالمجيد
عندما نسمع أو نقرأ ما يقوله بعض كبار المسئولين في وزارة الأوقاف عن دور المساجد عموما، وخطب الجمعة بصفة خاصة، نشعر بأننا نعيش في دولة حديثة تقوم علي المواطنة. فكثيرة هي تصريحاتهم التي يعتقد من يتأملها أن خطب الجمعة تسهم في ترسيخ مبدأ المواطنة نتيجة إشراف وزارة الأوقاف علي المساجد.
قرأت قبل أيام كلاما بهذا المعني في خبر تضمن ما قاله أحد كبار المسئولين في وزارة الأوقاف في مداخلة تليفزيونية. الكلام جميل في مجمله، ويتلخص في أن الوزارة تهيمن علي جميع مساجد الجمهورية وزواياها، ولا يمكن لخطيب أن يتجاوز, وأن الوزير وقادة الوزارة لا يغادرون مكاتبهم قبل الحادية عشرة مساء كل يوم منذ عامين, وأن الإرهابيين ينشأون في أماكن بعيدة عن المساجد والزوايا المعروفة.
وتصادف أنني اطلعتُ علي هذا التصريح قبل أن أستمع إلي خطيب مسجد كبير في شارع رئيسي من أهم شوارع الجيزة. استحضر الخطيب عدته كاملة في سعيه إلي تأكيد أن الإسلام برىء من الإرهاب الذي يقتل أبرياء. وهذه حقيقة لا تحتاج إلي تأكيد، ولا يصح أن تكون موضع تساؤل. أما ما ينبغي أن نسأل عنه فهو فهم بعض المسلمين للإسلام، وتفسيرهم له، وتفكيرهم فيه، وانعكاس هذا كله علي ما نسميه الخطاب الديني، الذي تُعد خطبة الجمعة أكثر وسائله انتشارا.
ومن يسمع هذا الخطيب يدرك حقيقة اعتداله وغضبه علي الإرهاب وإيمانه بما يقوله عن التناقض بين الإسلام والإرهابيين. ولكن عندما نتأمل المفاهيم الأساسية التي يستخدمها في حديثه عن المسيحيين، نجد أنها تتركز في الذمة والحماية والتعاهد. فهو يحث علي صون حياتهم وأموالهم وأعراضهم وفق هذه المفاهيم، وليس لأنهم مواطنون مصريون ينبغي أن تكون حقوقهم وواجباتهم علي هذا الأساس، وليس علي أي أساس اّخر.
وكان واضحاً من سياق الخطبة أن الخطيب يريد أن يعبر عن معني المواطنة، ولكن طريقة تفكيره أدت إلي معني مختلف نتيجة اعتماده علي مفهومي الذمة والتعاهد. والغريب أنه لا يعرف أن مفهوم الذمة ارتبط بظروف تاريخية لم تعد قائمة منذ فترة طويلة، وأن المسيحيين الآن مواطنون مصريون وليسوا أهل ذمة أو معاهدين يدفعون الجزية في مقابل توفير الأمن والحماية لهم!!
أرسل تعليقك