بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
بدأت مصر عملاً يمكن أن يؤدى إلى نقلة نوعية فى تعامل المجتمع الدولى مع قضية القدس، والقضية الفلسطينية لاحقاً. لم يكن «الفيتو» الأمريكى غير متوقع عند تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن الاثنين الماضى بإبطال أى إجراءات منفردة بشأن القدس. ونجح هذا المشروع فى تأكيد الموقف الدولى الذى تجلى عند مناقشة القرار الأمريكى بشأن القدس غداة إصداره، وخلق ديناميكية يمكن البناء عليها للمحافظة على تعاطف عالمى غير مسبوق مع الشعب الفلسطينى وحقوقه.
ولذلك يتعين أن يكون المشهد الذى رأيناه فى مجلس الأمن بداية تحرك منهجى منظَّم لاستثمار هذا التعاطف، والسعى إلى ترسيخه, وعدم الاكتفاء بالتوجه على الجمعية العامة .
بدت رئيسة البعثة الأمريكية فى الأمم المتحدة مرتبكة فى ظل الرفض الدولى شبه الكامل لموقف الإدارة التى تمثلها. ولعل هذا يفسر خطأً فادحاً ارتكبته، ويصل إلى مستوى الخطيئة عندما تقترفه ممثلة دولة عظمى كانت تُعد حتى بضع سنوات مضت «القطب الواحد» فى نظام عالمى فشلت فى المحافظة على مكانتها فيه. لم يحدث فى تاريخ الأمم المتحدة أن انتقد ممثل دولة عضو فيها موقفاً اتخذته الدولة نفسها قبل عام واحد0
الدول تكتسب الاحترام عندما تخدم تعهداتها والتزاماتها الدولية. ولكن ممثلة الدولة الأكبر فى العالم لم تكتف بالتنصل من موقف الادارة السابقة عندما امتنعت عن التصويت، وسمحت بإصدار قرار مجلس الأمن 2334 بشأن القدس فى ديسمبر 2016، بل انتقدت هذا الموقف فى سابقة تنال من مكانة أمريكا فى العالم.
وهذا مؤشر على ضعف الموقف الأمريكى تجاه قضية القدس، وعزلة الولايات المتحدة. ولكن هذا الضعف لا يعنى تلقائياً قوة الموقف الذى يستند إلى الشرعية الدولية، ويحظى بقبول عالمى واسع النطاق. تقوية هذا الموقف تتطلب استمرار التحرك الذى بدأ فى مجلس الأمن، وتطويره فى اتجاهات متعددة. غير أن هذا التحرك لابد أن يستند إلى أداء فلسطينى أكثر نضجاً يصعب تصوره فى ظل استمرار الانقسام، ومحاولة بعض الفصائل استخدام قضية القدس لدعم نفوذها أو تصفية حسابات مع غيرها، وغياب التوافق الوطنى على برنامج واضح المعالم يلتف حوله المجتمع الدولى، على نحو يضفى طابعاً عالمياً على قضية القدس.
عند الأطفال ؟
أرسل تعليقك