بقلم _ د. وحيد عبدالمجيد
رجل قوى يحترم غيره. هكذا وصفت السيدة سميرة سليم زوجها السيد خالد محيى الدين فى حوار رائع أجراه معها الزميل ماهر مقلد، ونشرته «الأهرام» الأحد الماضى.
استمد خالد محيى الدين قوته من احترامه لنفسه وشموخه ونيل مقاصده التى عمل من أجلها منذ أن شارك فى قيادة تنظيم «الضباط الأحرار» فى لحظة كانت عوامل التغيير تتفاعل فى قلب المجتمع المصرى فى أواخر أربعينيات القرن الماضى.
كان أحد أبرز من قادوا هذا التغيير فى يوليو 1952، ومن أوائل الذين ابتعدوا عندما وجد أنه يمضى فى اتجاه غير ما كان يحلم به، أو يأمل فيه. فضل مغادرة مصر فيما يشبه المنفى الاختيارى لسنوات، وهو الذى كان فى وسعه أن يحظى بنفوذ واسع0
روى قصة خلافه مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وأغلبية أعضاء قيادة مجلس الثورة أكثر من مرة. وتضمن كتابه الصادر عام 1992 (والآن أتكلم) قبساً من تلك القصة. يرى البعض أنه صمت طويلاً. ولكنه لم يصمت هرباً أو خوفاً، بل حرصاً على المصلحة الوطنية فى مرحلة صعبة خاضت خلالها مصر معارك كبيرة فى المنطقة والعالم.
كما رفض أن يتكلم فى الوقت الذى فتح صامتون آخرون، مثل عبد اللطيف البغدادى وكمال الدين حسين وحسن إبراهيم، نار غضبهم على عبد الناصر فى موسم النيل منه فى السبعينيات. وعندما قرر أن يتكلم كان صادقاً ومنصفاً كعهده، وموضوعياً فى منهجه.
أما النقد الذى وُجه إليه خلال فترة رئاسته حزب التجمع، الذى قاد عملية تأسيسه فى منتصف السبعينيات، فهو موضع جدل حتى اليوم. فقد أُخذ عليه أنه سمح بهيمنة مجموعة منظمة، وسيطرة حلقة ضيقة فى هذه المجموعة، على حزب كان ملء السمع والبصر عند تأسيسه، مما أدى إلى تراجعه بعد أن فقد طابعه كحزب لمختلف القوى اليسارية، والديمقراطية الاجتماعية0 ولكن الحقيقة أنه لم يسمح بتلك الهيمنة، ولكنه لم يستطع مقاومتها.
لقد قدم الفارس النبيل، الذى يرقد الآن على سرير المرض، أقصى ما استطاعه من أجل تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. فتحية للزميل ماهر مقلد على هذا الحوار الذى رسم من خلاله صورة قلمية بديعة تجمع بين حالته الصحية وقبسات من تاريخه المضىء.
أرسل تعليقك