بقلم/ د. وحيد عبدالمجيد
سجلت السياسة الخارجية الأمريكية أعلى معدل فى التخلى عن الحلفاء والأصدقاء فى تاريخ العلاقات الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. تعاملت أغلبية الإدارات التى تعاقبت على حكم الولايات المتحدة خلال تلك الفترة مع الحلفاء والأصدقاء باعتبارهم أوراقاً بين يديها. لعبت لهم، واستخدمتهم حين اقتضت مصالحها ذلك، وتجاهلتهم عندما لم تجد لهم فائدة فى فترة أو أخرى. كما خانت بعضهم وانقلبت عليهم عندما دعتها مصالحها لأن تلعب مع غيرهم.
ولذلك كانت عبارة «المتغطى بالأمريكان عريان» أبلغ تعبير عربى عن خذلان الولايات المتحدة لأصدقائها، وأقوى تحذير من الاعتماد عليها. وكثير هم الساسة والمثقفون الذين عبروا عن المعنى المتضمن فى هذه العبارة بلغات مختلفة فى أنحاء العالم. ولكن روبرت فورد، الذى كان آخر سفير للولايات المتحدة فى سوريا، يعد أول مسئول أمريكى كبير يعبر عن هذا المعنى عندما يقول إن إدارة باراك أوباما خدعت السوريين الذين حلموا بتغيير سلمى فى بلدهم، ثم تخلت عنهم بكل بساطة. كما نبَّه الأكراد الذين يُفرطون فى الثقة فيها الان إلى أنها يمكن أن تخونهم فى أول منعطف.كان فورد يتحدث، فى مقابلة أجرتها معه صحيفة «الشرق الأوسط» ونشرتها قبل أيام، بصراحة شديدة غير معهودة فى الدبلوماسيين حتى بعد أن يتركوا عملهم الرسمى. ولكن يبدو أن اشتغاله بالبحث العلمى فى السنوات الأخيرة بعد أن تقاعد عام 2014 جعله أكثر صراحة، حيث يعمل الآن خبيراً فى مركز الشرق الأوسط للأبحاث فى واشنطن، ومحاضراً فى جامعة بيل. حمَّل فورد أوباما المسئولية ضمنياً عن مأساة السوريين الراهنة التى تعد الأكثر قسوة فى العالم، لأنه وعد وأخلف، وأعطى أملاً بالمساندة ثم تخلى. كما فجر قنبلة لم يتضح بعد كيف سيكون أثرها فى أكراد سوريا، الذين تستخدمهم الولايات المتحدة منذ عهد أوباما فى قتال «داعش» إذ توقع أنها ستتخلى عنهم وتتركهم لمصيرهم إذا اتفقت روسيا وتركيا وإيران عليهم. وقال إن ما تفعله واشنطن مع الأكراد غير أخلاقى، وأن ثقتهم فيها هى أكبر خطأ يرتكبونه. وهذه «شهادة شاهد من أهلها» تفضح السياسة الأمريكية، وتُدين إدارة أوباما التى يرى أنها لم تترك لإدارة ترامب الكثير من الخيارات لتصحيح ما أفسدته فى الشرق الأوسط.
أرسل تعليقك