بقلم _ د. وحيد عبدالمجيد
انقسام واضح فى المجتمع حول التقرير الذى أصدرته لجنة الحريات الفردية والمساواة، التى شكلها الرئيس التونسى باجى قائد السبسى فى عيد المرأة العام الماضى (13 أغسطس 2017).
ما أن أُعلن التقرير حتى نشبت معركة بين مؤيدى ما ورد فيه ومعارضيه. بدأت المعركة بإصدار بيانات من هذا الجانب وذاك، وتطورت إلى مسيرات نظمها كل من الفريقين.
وأظهرت هذه المسيرات أن لمؤيدى التقرير وزنهم فى المجتمع، مثلهم فى ذلك مثل معارضيه. فلم يُلحظ أن معارضى المساواة الكاملة بين المرأة والرجل أكثر أو أقوى بخلاف الحال فى أى بلد عربى آخر، لأن تونس شهدت طفرة كبيرة فى هذا المجال منذ عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.
التقرير مثير للجدل بالفعل، إذ يتسم بجرأة غير معهودة على المستوى العربى فى تناول قضايا المساواة بين المرأة والرجل, والحريات الفردية عموما. ينصب هذا الجدل حول القضايا الأكثر حساسية مثل المساواة فى الميراث، والمشاركة فى الولاية على الأسرة، إلى جانب إعادة تنظيم أوضاع تتعلق بالنفقة والعدة وحضانة الأطفال.
غير أنه رغم احتدام الجدل، ظل الجميع فى انتظار موقف الرئيس السبسى فى كلمته التى ألقاها الاثنين الماضى بمناسبة عيد المرأة التونسية. كان الوضع صعباً فى ظل انقسام واضح فى المجتمع.
لكن السبسى أدار الأزمة الناتجة عن هذا الانقسام بطريقة متوازنة، فلم ينحز إلى فريق ضد الآخر فى القضية الأكثر إثارة للجدل، وهى قضية الميراث.
فقد أعلن أنه سيقدم مبادرة تشريعية (مشروع قانون) تنص على المساواة فى الميراث، مع تأكيد حق أصحاب الشأن فى قبول هذه المساواة أو تركها.
أراد السبسى أن يكون رئيساً لكل التونسيين، رغم أنه قد يكون أقرب إلى أحد الفريقين. فقد احترم ما توصلت إليه لجنة بادر هو بتشكيلها، مثلما احترم مواقف معارضى ما اقترحته اللجنة، أو بالأحرى بعضه لأن جزءاً معتبراً من تقريرها بدا مقبولاً على نطاق واسع.
وهذا درس للفريقين مؤداه أن على كل منهما احترام مواقف الآخر، مثلما يحترمهما رئيس الدولة ويحرص على أن يكون لكل منهما دوره فى المجتمع. فليت التونسيين, والعرب بوجه عام يستوعبون هذا الدرس ويتعلمون قيمة احترام الآخر.
أرسل تعليقك