بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
يبدو أن التدهور الذى حدث فى أوضاع العرب خلال السنوات الأخيرة، بعد أن اشتعلت الحروب والصراعات فى عدد لا يُستهان به من بلادهم، لا يكفى للتخلص من التفكير اللامعقول الذى كان أحد أهم عوامل تردى أوضاع كثير من بلداننا. وهذا النوع من التفكير ليس محصوراً فى أوساط من يظنون أننا مركز العالم. نجد ممثله لدى من يتخيلون أن إسرائيل تسيطر على الولايات المتحدة.
وليس اعتقاد بعضنا فى أن العرب هم الذين أخرجوا وزير الخارجية الأمريكى المعزول ريكس تيلرسون من إدارة ترامب، وتصور بعض آخر أن إسرائيل هى التى فعلت ذلك، إلا آخر تجليات هذا التفكير اللامعقول يُردد كُتاب وإعلاميون هذا الكلام، ويتخيلون أن الرئيس دونالد ترامب أقال تيلرسون بسبب اعتراض عربى, أو اسرائيلى على موقفه تجاه إيران والاتفاق النووى معها.
غير أنه لا العرب القلقون بحق من سياسة إيران التوسعية، ولا إسرائيل، كان لهما دور أو تأثير يعتد به فى قرار إقالة تيلرسون. فلم يقرر ترامب استبداله بسبب هذا الخلاف فى حد ذاته، بل لأن أداء تيلرسون عطل السياسة الخارجية الأمريكية وأضعفها.
ليست إدارة ترامب الأولى فى الولايات المتحدة التى ظهرت فيها خلافات بين الرئيس ووزير الخارجية. فالاختلاف فى تقدير موضوع أو آخر أمر طبيعى, وقد يكون محموداً, إذا لم يعطل العمل. ولكن طريقة تيلرسون فى إدارة خلافه مع ترامب على الاتفاق النووى مع إيران أدت إلى تعطيل العمل. فلم تقم وزارة الخارجية بمهمة كانت منوطة بها منذ الشهور الأولى بعد تنصيب إدارة ترامب، وهى حث حلفاء أمريكا الأوروبيين على قبول تعديل الاتفاق مع إيران. ولذلك تبدو الولايات المتحدة الآن وحيدة فى موقفها بين الدول الخمس التى وقعت هذا الاتفاق.
وهذه مشكلة أداء فى المقام الأول. فقد عُزل تيلرسون بسبب ضعف أدائه حتى على مستوى استكمال هيكل وزارته. فقد عجز عن اختيار من يملأون مناصب بالغة الأهمية مازالت شاغرة بعد أكثر من عام بمن فيها نائبان له.
وعندما يُعزل وزير أمريكى بسبب ضعف أدائه، لا يمكن الزعم بأن هناك من أخرجه. فليتنا نتحلى بشىء من المعقولية فى تعاملنا مع ما يحدث فى العالم.
أرسل تعليقك