بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
خبر سار عن قضية فلسطين. إسرائيل قررت الانسحاب من منظمة اليونسكو الدولية التابعة للأمم المتحدة. وجودها فى هذه المنظمة، وغيرها من المنظمات الدولية، يُقَّنن مكافأة الجناة ومعاقبة الضحايا. كان انضمام إسرائيل إلى الأمم المتحدة، ومنظماتها ووكالاتها المتخصصة، تعبيراً عن حالة العالم كما هى فى الواقع، دون أدوات التجميل التى يكثر استخدامها لإيجاد صورة غير حقيقية. العالم فى واقعه يقوم على القوة سافرة كانت، أو مستثمرة. وما القانون الدولى إلا كلام مسطور لا يجد طريقاً إلى الواقع حين تسمح موازين القوى بإخراجه من الأدراج، أو أجهزة الكومبيوتر، التى يُحفظ فيها.
وفى هذا الواقع، كان طبيعياً أن تفرض إسرائيل نفسها على المنظمات الدولية بقوتها، واعتماداً على قوة حلفائها وفى مقدمتهم الولايات المتحدة. كما حمتها هذه القوة من إجراءات لا حصر لها كان مفترضاً أن تُتخذ ضدها على مدى عقود. ورغم هذا كله، ظلت إسرائيل غاضبة على الأمم المتحدة، لا لشىء إلا لأن دولاً أعضاء فيها تنتقد الاعتداءات على الشعب الفلسطينى، والانتهاكات الممنهجة لحقوقه. وقد بلغ هذا الغضب ذروته عندما وصل استياء معظم أعضاء الأمم المتحدة من استخفاف إسرائيل والولايات المتحدة بالقانون الدولى إلى مستوى غير مسبوق عبر قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
غير أن غضب إسرائيل جاء بفائدة هذه المرة، حيث قررت حكومة نيتانياهو الانسحاب من منظمة اليونسكو التى تُعد أكثر المنظمات الدولية الرسمية استقامةً فى إدانة انتهاكاتها للمعالم التاريخية والثقافية فى القدس وغيرها من الأراضى المحتلة0 كما حرصت على حماية هذه المعالم التى تُمثل تُراثاً للإنسانية. وقررت فى العام الماضى إدراج البلدة القديمة فى القدس وأسوارها ضمن المواقع التراثية المُعرضة للخطر فى المعالم، ونفت وجود ارتباط دينى لليهود بالحرم القدسى. كان هذا القرار موضع بحث منذ أن أعلنت الولايات المتحدة فى 12 أكتوبر الماضى انسحابها من المنظمة نفسها. ولكنه لم يُتخذ إلا بعد أن وجدت إسرائيل نفسها فى عزلة شبه كاملة فى مجلس الأمن والجمعية العامة. وربما يكون الانسحاب من اليونسكو أول الغيث على صعيد علاقة إسرائيل مع المنظمات الدولية لتصحيح وضع شاذ يجعل دولة استعمارية عضواً كامل العضوية فيها، ويحرم الشعب الخاضع للاحتلال من حقوقه.
أرسل تعليقك