بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
يرى رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نيتانياهو أن الرئيس الأمريكى ترامب دخل تاريخ مدينة القدس من باب قرار نقل السفارة الأمريكية إليها, ويعتقد بعض رافضى هذا القرار أن ترامب لم يدخل إلا التاريخ الاستعمارى, أو تاريخ الاعتداء على القانون الدولى،أما ترامب شخصياً فيبدو أنه ليس معنياً بالتاريخ أصلاً, أو بالجغرافيا, أو بالقواعد القانونية والقيم الانسانية. يبدو ترامب معنياً فقط بمحاولة الحفاظ على قاعدته الانتخابية المتطرفة بعد أن ظهر عجزه طول عام كامل عن الوفاء بوعود أفرط فيها خلال حملته, ولم يقدر أنه لن يحكم منفرداً وان النظام السياسى الأمريكى يقوم على توازن بين مؤسساته. ولذا بدأت أعداد متزايدة من أنصاره فى التململ. وجد ساكن البيت الأبيض نفسه فى مأزق أمام قاعدته الانتخابية, فى الوقت الذى يخشى أن تتوسع دائرة التحقيق فى قضية التدخل الروسى المحتمل فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة لمصلحته, وأن يوضع شخصياً فى دائرة الاتهام وأراد أن يوجه رسالة إلى أنصاره المتطرفين الذين يدعم كثير منهم إسرائيل بجنون تفيد أنه يلتزم بوعوده وويستطيع تحقيقها, حتى لا ينفضوا من حوله وبحث عن قرار سهل لتنفيذ أحد هذه الوعود, فلم يجد أسهل من الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل توقع أن ردود الفعل الغاضبة لن تتجاوز بيانات الشجب والإدانة والاستنكار والخطب النارية, وتظاهرات متفاوتة فى فلسطين وعدة مدن فى العالم العربى والإسلامى, لايام أو أسابيع قليلة. رأى ترامب حين اتخذ هذا القرار أن العرب فى أسوأ أوضاعهم, وأن رد فعلهم سيكون قصير المدى ومقطوع النفس, لأن الاحتجاج الذى لا يستند على استراتيجية محددة ينتهى بسرعة ولأن هذه هى خلفية فرار ترامب وسياقه, لم يهتم بان يحسب نتائجه وتداعياته حتى على صعيد أولويات معلنة للسياسة الخارجية الأمريكية, مثل مواجهة الارهاب الذى يتغذى على الكراهية والتطرف. وهذا قرار ينضح بتطرف شديد, ويمس مقدسات للمسلمين والمسيحيين والقاعدة التى يقل الاستثناء منها أن لكل تطرف مثله. وهذا أهم ما أغفله ترامب, وهو يحول القدس من مدينة يمكن أن تكون نموذجاً للسلام إلى «مصنع» لإنتاج تطرف سيدفع الجميع ثمنه.
أرسل تعليقك