بقلم _ د. وحيد عبدالمجيد
ما الذى جعل السفير البريطانى الأسبق لدى مصر مايكل وير يعتقد أن الرئيس الراحل أنور السادات كان ينوى التخلى عن منصب الرئاسة فى وقت ما؟ هذا السؤال يثيره تقرير أرسله وير إلى حكومته فى نهاية أكتوبر 1981، بعد نحو ثلاثة أسابيع على اغتيال السادات، وأُفرج عنه ضمن دفعة من الوثائق الرسمية البريطانية التى كانت سرية، وتم كشفها قبل أيام.
كتب وير فى تقريره أنه يعتقد أن السادات كان جاداً عندما صرح أكثر من مرة، قبل اغتياله، بأنه ينوى التنحى، ولا يريد أن يبقى فى الرئاسة طويلاً. لم يكتب السفير البريطانى أن لديه معلومات محددة. كان هذا هو تصوره الذى ذهب فيه إلى مدى أبعد، عندما كتب أيضاً أن السادات ربما فكر فى أن يكون استرداد الجزء الأخير من سيناء فى 25 أبريل 1982 المناسبة التى يتنحى فيها. والمشكلة الأساسية هنا أننا إزاء فرضية يصعب تجاهلها تماما، ويتعذر فى الوقت نفسه بحثها لمعرفة مدى صحتها أو خطئها. ولكن السؤال الذى نطرحه لا يتعلق بفرضية تنحى السادات فى ذاتها، بل بدوافع اقتناع رجل بوزن سفير دولة كبرى بها إلى الحد الذى دفعه لأن يبلغ حكومته بشأنها. ورغم أن السادات عبر عن رغبته فى التنحى أكثر من مرة، لم يأخذ أحد تصريحاته فى هذا المجال مأخذ الجد. ولم يكن هناك أى مؤشر فعلى يدل على هذه الرغبة، وخاصة بعد أن احتقنت الأجواء وقرر إلقاء القبض على أكثر من ألف وثلاثمائة من السياسيين والمثقفين. فهل استنتج وير أن السادات جاد فى رغبته التنحى من واقع معرفته به، وهل كان قادراً على أن ينفذ إلى أعماق شخصيته التى لم يكن ظاهرها يوحى بأنه من الحكام الذين يمكن أن يتخلوا عن السلطة؟ الأرجح أنه بنى فرضيته على انطباعات كونها من خلال معرفته الشخصية بالسادات، وربما أيضاً من ربط هذه الانطباعات بقراءته سيرة الرئيس الراحل وفهمه الخاص لها. تفيد هذه السيرة أن السادات لم يسع فى أى وقت إلى الرئاسة، ولعله فوجئ مثل كثيرين غيره بقرار الرئيس الراحل عبد الناصر تعيينه نائباً للرئيس عام 1969، قبل أن يجد نفسه رئيساً بعد أقل من عام واحد.
أرسل تعليقك