بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
ثروة إحصائية ومعلوماتية ينتجها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء كل عام. ولكن باستثناء التعداد العام للسكان، لا تحظى هذه الإحصاءات باهتمام يُذكر رغم الجهد المبذول فيها.
ومن أهم هذه الإحصاءات النشرة السنوية لخريجى التعليم العالى والدرجات العلمية العليا فى مصر. وقد أصدر الجهاز قبل أسابيع النشرة الخاصة بعام 2016، التى كتب اللواء أبو بكر الجندى مقدمتها قبل أن يترك عمله فيه، ويتولى وزارة التنمية المحلية.
وإذا اهتم صانعو سياسات التعليم بدراسة الإحصاءات التفصيلية، عن خريجى التعليم العالى وحائزى الدرجات العلمية العليا، ربما يستطيعون مراجعة هذه السياسات على أساس علمي، سواء على صعيد إعادة هيكلة التعليم الجامعى وتطوير مستواه، أو على مستوى الاستفادة بمن يُفترض نظرياً أنهم حصلوا على مراتب مرتفعة من التعليم والمعرفة فى مجالاتهم.
خذ مثلاً عدد الحاصلين على درجات علمية عليا عام 2016. فقد نال درجة الدكتوراه 9016، والماجستير 20185، بينما حصل 128689 على دبلومات. وإذا جمعنا أعداد الحاصلين على درجة الدكتوراه فقط بين 2012 و2016 نجد أنهم بلغوا 32694، بينما وصل عدد من نالوا الماجستير إلى 79488.
وتثير هذه الأعداد أسئلة مهمة. فأين ذهب هؤلاء؟ وإذا كان بعضهم يتظاهرون من وقت إلى آخر للمطالبة بعمل، فماذا يعنى حصولهم على درجة علمية عليا أصلاً، وكيف لا يجد من ينالها عملاً، وأى مستوى لهذه الدرجات إذا كانت هذه هى حال من يحملونها؟ وتزداد أهمية هذه الأسئلة عندما تدخل فى بعض التفاصيل، ونعرف أن عدد الحاصلين على درجة الدكتوراه فى العلوم بلغ 1333، وأن نحو نصفهم فى علوم الفيزياء والرياضيات (339 دكتوراه فى الفيزياء، و 212 دكتوراه فى الرياضيات). فهل يعلم أحد ماذا يفعل هؤلاء الآن، وكم منهم ترك مصر بعد أن أُنفق على كل منهم فى مراحل تعليمية، وكم بقى وأين يعمل، وهل بينهم من لا يجد عملاً!!
ولكن فى مقابل هذه الأعداد المعقولة التى يمكن أن تحقق الاستفادة منها الكثير، نجد نقصاً شديداً فى عدد الحاصلين على درجة الدكتوراه فى المعلوماتية، حيث لا يتجاوز العشرة، رغم أن هذا المجال صار قاعدة لمثلث التقدم الذى تُمثل الفيزياء والرياضيات ضلعيه الأساسيين. فهل يعرف صانعو سياسات التعليم ذلك؟
أرسل تعليقك