بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
ليس فيلماً عن الحلم الأمريكى. ولكن هذا الحلم يحظى بموقع مركزى فى فيلم «طلق صناعى» الذى حاول صانعوه تقديم رؤية لجدلية الإحباط والأمل فى مرحلة اضطراب يمر بها المجتمع، ولكن الرسالة نفسها جاءت مضطربة، وتاه فحواها وسط مشاهد «الأكشن» المبالغ فيها التى يلجأ إليها صانعو الدراما السينمائية لأسباب تجارية. وعندما يقترن هذا «الأكشن» المصنوع بكم كبير من «الإيفيهات» التى تشبه الكوميديا من بعيد، يصبح المشاهد أمام محاولة غير موفقة لتقديم عمل يستطيع صانعوه أن يقَّدموا أفضل منه كثيراً.
يبدو الفيلم أقل مستوى مما كان متوقعاً من الأخوين الموهوبين محمد وخالد دياب، إذ يصعب على المشاهد أن يجد تميزاً فى أى من جوانبه، فضلاً عن اضطراب الرسالة التى تُعد أحد أهم ما يُميَّز هذا النوع من الأفلام. ربما أرادا تجنب إعادة إنتاج الرسالة نفسها التى كانت واضحة فى فيلم «عسل أسود» الذى يتغلب فيه الأمل بحلم غامض يمكن تحقيقه فى مصر رغم كل الصعوبات على الحلم الأمريكى حتى بعد نجاح «مصرى» فى الحصول على جنسية الولايات المتحدة. ويختلف الأمر فى حالة فيلم «طلق صناعى», الذى يركز على الصعوبات التى تواجه الحالمين بنيل هذه الجنسية, أو حتى بطاقة إقامة «جرين كارد».
لم يستخدم صانعا «طلق صناعى» كل ما لديهم من امكانات, ربما سعياً إلى عدم التعرض لمشكلة رقابية، أو قلقا من إعادة إنتاج «تيمة» مستهلكة فحاولا التجديد فيها بشكل ما0 ولكنهما لم يصنعا جديداً بل قدما عملاً ربما يجوز وصفه بأنه مصطنع، أو «صناعى» وفق التعبير الشائع غير الدقيق.
وكان فى إمكانهما تقديم الجديد الذى سعيا إليه فى مسألة جدلية اليأس والأمل، وفى قضية السعى إلى نجاح فى مصر مقابل الهجرة إلى الولايات المتحدة، لو فطنا إلى أزمة الحلم الأمريكى الآخذ فى التراجع فى ظل تنامى الميل إلى الانغلاق، والتغير الذى يحدث فى الثقافة التاريخية التى أنتجت هذا الحلم، الأمر الذى انعكس فى نتيجة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وسياسة الرئيس ترامب عموماً، وتجاه الهجرة والمهاجرين بصفة خاصة.
كان ممكناً تقديم فيلم مختلف شكلاً ومحتوى عبر معالجة جديدة اعتماداً على هذا التحول فى مسار الحلم الأمريكى بدلاً من هذا العمل المضطرب.
أرسل تعليقك