بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
حافظت الأحزاب الانفصالية على أغلبية محدودة فى برلمان إقليم كاتالونيا. أسفرت نتائج الانتخابات التى أُجريت قبل أيام عن حصول هذه الأحزاب التى تطالب بالانفصال عن أسبانيا (معاً من أجل كاتالونيا، والجمهورى اليساري، والوحدة الشعبية) على 70 مقعداً من أصل 135.
وهذا هو ما كنتُ قد رجحتُ حدوثه فى «اجتهادات» 18 نوفمبر الماضى تحت عنوان «اختبار تاريخي». نُشر هذا الاجتهاد عقب قرار الحكومة الاسبانية إجراء انتخابات محلية فى إقليم كاتالونيا، بعد حل البرلمان الذى كان للأحزاب الانفصالية أغلبية فيه، وإلغاء الحكم الذاتى فى هذا الإقليم.
كان واضحاً أن حكومة مدريد تراهن على أن رافضى الانفصال هم الأغلبية، ولكنهم من نوع الأغلبية الصامتة التى لا يشارك قسم معتبر منها فى العمل العام، ورغم وجود مؤشرات على ذلك، إلا أن الواقع كان يتغير بسرعة بسبب الطريقة العصبية والاستفزازية التى تصرفت بها هذه الحكومة تجاه قرار البرلمان السابق فى الإقليم إعلان الانفصال من جانب واحد. وكان أخطر ما قررته هو إلغاء الحكم الذاتي، وإعادة فرض السلطة المركزية على الإقليم، بدون إدراك أن هذا القرار يؤدى إلى تحول فى موقف قطاع مهم من رافضى الانفصال, بعد أن فقدوا السبب الرئيسى الذى دفعهم إلى تفضيل البقاء فى إسبانيا، لأنه مكَّنهم من ممارسة حقوقهم القومية بلا قيود تدفعهم إلى البحث عنها بعيداً عن الدولة الأم. وعندما ينتفى هذا السبب، يصبح تغير موقفهم محتملاً بل متوقعاً.
ولذلك بدا أن حكومة مدريد تواجه اختباراً تاريخياً، عندما دعت إلى الانتخابات التى أُجريت قبل أيام، ولكنها لم «تذاكر» جيداً رغم صعوبة الاختبار، فأخفقت فى الإجابة عن السؤال الأساسى فى هذا الاختبار، وهو: ماذا يدفع من يرفضون الانفصال، ويحرصون على حقوقهم القومية فى الوقت نفسه، للبقاء فى إسبانيا موحدة فى حالة الغاء هذه الحقوق؟
ومن يفشل فى الإجابة، يرسب فى الاختبار. وهذا هو ما حدث، إذ سقط رهان حكومة مدريد، وتأكد أن قطاعاً مهماً ممن كانوا يرفضون الانفصال غيروا موقفهم فى انتخابات يتعذر التشكيك فى دلالة نتيجتها لأن نسبة الاقتراع فيها تجاوزت 80%. وهكذا تحول الاختبار إلى مأزق قد يهدد وحدة إسبانيا ومعها دول أوروبية أخري.
أرسل تعليقك