بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
حقق استخدام تقنية الفيديو نجاحاً ملموساً فى مونديال روسيا حتى الآن. أتاحت هذه التقنية المعروفة باسم حكم الفيديو المساعد Video Assistant Referee VAR تحقيق قدر أكبر من العدالة فى اللعبة التى تعرف أعلى مستوى من تكافؤ الفرص والمساواة فى العالم. فقد حالت أخطاء الحكام على مدى عقود طويلة دون الوصول إلى حالة تصلح لأن تكون نموذجاً للعدالة التى يحلم بها البشر منذ فجر التاريخ، ولا يجدونها فى معظم جوانب حياتهم فى مختلف بلدانهم.
الحكام الذين يديرون المباريات بشر يصيبون، ويُخطئون. وفى تاريخ اللعبة أخطاء تحكيمية لا يمحوها الزمن من فرط فداحتها، مثل الهدف غير الصحيح (لم تتجاوز الكرة خط المرمي) أسهم فى حصول إنجلترا على كأس العالم عام 1966، للمرة الأولى والأخيرة حتى الآن, والهدف المشهور الذى أحرزه مارادونا بيده وأسهم فى وصول الأرجنتين إلى نهائى مونديال 1986. وإذا كان احتساب أهداف غير صحيحة، أو العكس، مصدراً للشك فى مدى عدالة كرة القدم، فقد ظلت ضربات الجزاء المعضلة الأكبر والمصدر الرئيسى للظلم لأن الأخطاء فيها هى الأكثر تكراراً. وأتاحت تقنية VAR تقليل هذه الأخطاء فى المونديال حتى الآن، وعلى نحو لا مثيل له من قبل.
لكن هل نستطيع تطبيق هذه التقنية، التى يتطلب نجاحها تجهيزات رفيعة المستوى وإنفاقاً ضخماً فى ملاعبنا التى نعرف حالة معظمها، وفى ظل منظومة رياضية تحتاج إلى إصلاحات جوهرية؟
ربما لا يجد معظمنا حاجة إلى هذا السؤال، ويرون أن تجربة تقنية الفيديو فى بعض مبارياتنا تكفى لإجابة سلبية، فضلاً عن أن متابعة المونديال الحالى تفيد أن وجود عدد هائل من الكاميرات فى الملاعب (يصل إلى 40 كاميرا فى بعضها) وعدد كاف من الحكام المدربين عليها، هو الذى أتاح نجاحها.
ولذلك، سيكون صعباً تطبيقها فى ملاعبنا، رغم حاجتنا الشديدة إليها من أجل استعادة الثقة فى الحكام المصريين ولكن علينا أن نضع خطة زمنية لتطوير عدد معقول من الملاعب، وتوفير التجهيزات اللازمة تدريجياً. ولننظر إلى الإنفاق على هذا التطوير باعتباره استثماراً فى أحد أهم مجالات القوة الناعمة فى عالم اليوم، وتوفيراً مستقبلياً للأموال التى تُنفق لاستقدام حكام أجانب.
المصدر :جريدة الاهرام
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
أرسل تعليقك