بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
بدأت الإدارة الأمريكية تنفيذ تهديد الرئيس الأمريكى ترامب بوقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا». جاءت الخطوة الأولى الأربعاء الماضى, وهى تعليق أكثر من نصف هذا التمويل, أى تقليصه فعليا فى الوقت الذى تواجه الوكالة نقصاً فى مواردها.
يعرف ترامب أنه يستطيع فعل أى شىء بشأن قضية فلسطين دون رد فعل يُزعجه. كما أن طريقته فى إدارة الأمور تؤدى إلى تجاهل تداعيات حرمان ملايين البشر من حاجات أساسية لا يستطيع كثير منهم الحياة إذا قُطعت عنهم. ولذا لن تكون ضخامة عدد اللاجئين الذين تتحمل «أونروا» مسئولية إعاشتهم (أكثر من أربعة ملايين وفق أدنى تقدير) رادعاً للإقدام على وقف تام لتمويل الوكالة التى تقوم بعمل إنسانى عظيم لرعاية هذا العدد الهائل فى 58 مخيما موزعة على الضفة الغربية وغزة، ولبنان، والأردن، وسوريا.
يُغَّلف ترامب تهديده بدعوة غير منطقية إلى تصفية «أونروا»، وتكليف مفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين بمهامها. ولا يمكن تحقيق ذلك دون تعريض أعداد ضخمة من اللاجئين للخطر بسبب تركهم بلا إعاشة أو رعاية طوال الفترة اللازمة لكى توفر المفوضية المتطلبات الأساسية لعملها فى المناطق الخمس التى تعمل فيها الأونروا، وتستلم المهام التى تقوم بها «أونروا» بعد أن تنتهى إجراءات تصفيتها. ربما يعتقد ترامب أن عمل المفوضية السامية أعم وأشمل من «أونروا» جغرافياً فقط. ولكن الحقيقة أن اختصاصات المفوضية أوسع بكثير، لأنها تقوم بتوفير حماية دولية للاجئين المشمولين برعايتها، وتسعى إلى إيجاد حلول دائمة لمشكلاتهم بقدر ما تستطيع. ويعنى ذلك أن إحالة المسئولية عن اللاجئين الفلسطينيين إليها تعنى تدويل قضيتهم، وهو ما لا يقصده ترامب، ولا يريده، لأن السياسة الأمريكية تصر على أن هذه القضية تُحل (أو بالأحرى تُلغى) فى مفاوضات بين الطرفين.
ويبدو أن معلومات كافية عن المفوضية السامية لم تكن أمام ترامب عندما طالب بإحالة المسئولية عن اللاجئين الفلسطينيين إليها. ولو أنها توافرت له، لما طالب بذلك. ولكن ينبغى الانتباه إلى أن هذا الطلب ليس أكثر من غطاء للتهديد بوقف تمويل «أونروا». وهذا اختبار جديد لما بقى من إنسانية فى هذا العالم, فكم من دول, بل أفراد, يمكنهم تعويض «أونروا» عن التمويل الأمريكى.
أرسل تعليقك