بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
قليل من يتخصصون فى أحد المجالات المعرفية ويتعمقون فيه، ولا يشتتون جهودهم فى غيره، رغم اهتماماتهم المتعددة، إلى حد أن يُعرف هذا المجال بهم، ويعرفون به. ود. أمانى قنديل من أبرز المتخصصين فى مجال الجمعيات الأهلية والمجتمع المدنى على المستوى العربى، وليس فى مصر فقط. فقد نشرت 14 كتابا فى هذا الموضوع منذ بداية التسعينيات، فضلا عن أنها الباحث الرئيسى والمحرر لكتابين آخرين ولأحد عشر تقريرا سنويا أصدرتها الشبكة العربية للجمعيات الأهلية فى الفترة بين 2003 و2014، إلى جانب تأليف مجموعة كتيبات بناء القدرات الصادرة عن الشبكة نفسها عام 2008.
وفى كتابها الجديد الصادر أخيراً «الجمعيات الأهلية فى مصر وسنوات المخاطر 2011-2017»، تبحث أزمة هذه الجمعيات بعد أن استفحلت على نحو يهدد دورها الذى لا غنى عنه فى عصرنا بوصفها القطاع الثالث، أو ثالث أضلاع مثلث يقود عملية التنمية البشرية إلى جانب الحكومة والقطاع الخاص.
يناقش الكتاب تطور هذه الأزمة فى الفترة التالية لثورة 25 يناير، معتمدة على رؤية منهجية واضحة، وإحصاءات وبيانات موثقة فى 16 جدولا. وينتهى إلى ما يمكن أن نعتبره «روشتة» للخروج منها واستعادة دور القطاع الثالث الذى يؤدى ضعفه أو تهميشه إلى صعوبات كبيرة تعوق التنمية البشرية، وتؤثر فى إمكانات تحقيق التنمية بوجه عام. فقد تراجع عدد الجمعيات الأهلية الجديدة إلى 25 فقط فى النصف الأول من عام 2017، فى الوقت الذى يتوقف عدد متزايد منها عن العمل، الأمر الذى يتطلب تعاوناً عاجلاً بين الحكومة والمجتمع. وفضلاً عن الحاجة إلى إصلاح تشريعى يمكن أن تكون اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات الجديد بداية له، يتطلب الإنقاذ تطوير أداء العاملين فى القطاع الأهلى، وتحفيزهم لابتكار مشاريع متنوعة وليست متماثلة لتحقيق النفع العام، والتعاون لحل المشكلات التى تواجه التمويل الداخلى المحصور فى أطر ضيقة لا تتجاوز العمل الخيرى الدعائى، والمركز فى عدد محدود من الجمعيات الكبيرة أو «النجوم العشرة» وفق تعبير المؤلفة، فضلا عن بحث مشكلة تراجع العمل التطوعى تحت وطأة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. هذا كتاب يتعين على كل المعنيين بالعمل الأهلى قراءته بدقة، وتأمل الأفكار التى يقدمها لإخراج هذا العمل من أزمته.
أرسل تعليقك