بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
تحظى الانتخابات البرلمانية العراقية, التى بدا الإعداد لها, باهتمام واسع فى العالم، وليس فى منطقتنا فقط. ويتابع المهتمون بها الآن تشكيل التحالفات الانتخابية، والتغييرات التى تحدث فيها. عدد الأحزاب والكيانات التى تخوض الانتخابات بلغ 143، والتحالفات بين بعضها وصل عددها إلى 27 تحالفاً.
وبخلاف الباحثين فى مجال السياسات المقارنة، والذين يهتمون بديناميكيات العملية الانتخابية، وقواعدها، وإجراءاتها المتبعة، يتابع السياسيون والخبراء المعنيون بصراعات منطقة الشرق الأوسط هذه الانتخابات سعياً إلى توقع خريطة النفوذ والقوة التى ستترتب عليها، ومعرفة دور إيران فيها.
والسؤال المثال فى هذا السياق هو مع من تقف طهران، وضد من. فهل تقف مع رئيس الوزراء الحالى حيدر العبادى الذى أسس تحالف «نصر العراق»، أم مع رئيس الوزراء السابق نورى المالكى وتحالفه المسمى «دولة القانون»؟ فقد أصبح الصراع بين العبادى والمالكى أكثر حدة بعد أن قرر الحزب الذى جمعهما لفترة طويلة (حزب الدعوة) عدم خوض الانتخابات، وترك لأعضائه حرية الالتحاق بالتحالف الذى يفضله كل منهم. ولكن إيران لم تحدد موقفها إزاء هذا الصراع، ولن تفعل. ولذلك يمكن استكشاف موقفها عبر تحليل اتجاهات الأطراف الأكثر ارتباطاً بها فى ساحة الإسلام السياسى الشيعى فى العراق، وفى مقدمتها فى الوقت الراهن فصائل «الحشد الشعبى» التى تعمل سياسياً تحت اسم «تحالف الفتح».
وعندما أعلن العبادى تشكيل تحالفه فى 15 يناير الجارى، وتبين أنه يضم هذه الفصائل، تصور كثير من العراقيين أن إيران اختارت الوقوف معه باعتباره الأقوى، وليس فقط لأنه مقبول أكثر من المالكى، سواء فى العراق، أو خارجه. غير أن هذا التصور كان متعجلاً، إذ سرعان ما أعلن «تحالف الفتح» الانسحاب من هذا التحالف .
ولما كانت فصائل «الحشد الشعبى» التى تحولت من العمل المسلح إلى العمل السياسى هى الأكثر تعبيراً عن موقف إيران اليوم، كان انسحابها من تحالف العبادى مؤشراً إلى أن طهران لم تحسم موقفها بعد. أما إذا تبين أنها ستراهن على المالكى، فالأرجح أنها ستخسر كثيراً إذا تمكن العبادى من إعادة تشكيل تحالفه على أساس وطنى عابر للمذاهب يمكن أن يأخذ العراق خطوة باتجاه الفكاك من هيمنة النزعات الطائفية.
أرسل تعليقك