بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
مثلما أثار انضمام مغنى الراب الألمانى المشهور دينيس كوسبيرت إلى تنظيم «داعش» اهتماما واسعاً فى حينه، كثر الجدل حول دلالات التحاق شبان غربيين ناجحين فى بلادهم بالإرهاب منذ إعلان نبأ مقتله فى غارة جوية على موقع فى إحدى بلدات محافظة دير الزور السورية فى 18 يناير الماضى.
فقد أُعلن مقتل كوسبيرت الملقب (أبو طلحة الألمانى) عدة مرات من قبل، ونُفى النبأ فى كل منها. كانت المرة الأولى فى أبريل 2014 نقلاً عن مصادر داخل سوريا. وأعلن البنتاجون فى أكتوبر 2015 مقتله فى غارة جوية، ثم تراجع وقال إنه أُصيب فقط.
ولا يثير هذا الاهتمام استغراباً. كان كوسبيرت أو «أبو طلحة» أحد أبرز الشباب الأجانب الذين انضموا إلى «داعش». قام بدور كبير متعدد الجوانب فى دعم هذا التنظيم. الفيديوهات التى ظهر فيها أحدثت أثراً بالغاً فى جذب عدد غير قليل من الأوروبيين على «داعش». كما قام بدور قتالى فى عدد من المعارك التى خاضها التنظيم فى مرحلتى تمدده وانحساره على حد سواء.
وجدد نبأ مقتله الجدل حول دوافع انضمام شباب من أصول غربية، وليست لهم أصول عربية أو إسلامية، إلى تنظيم يرفع شعارات دينية ويمارس عنفاً إرهابياً. ومعظم هؤلاء ناجحون فى أعمالهم، وبعضهم مشهورون على نطاق واسع مثل كوسبيرت.
ومازال التفسير الذى ينطلق من فكرة غُربة النفس غالباً. ساهم عدد من الباحثين فى بلورة هذا التفسير السياسى-الاجتماعي-الفكرى-النفسى الذى يختلف عن المعنى الشائع لاضطراب غُربة النفس Depersonalization فى الدراسات السيكولوجية.
يربط هذا التفسير بين شعور إنسان بالضياع، ومن ثم غربته عن نفسه، برغبته فى تغيير حياة أصابه الضجر منها، ومعاناته من فراغ فكرى وحاجته إلى فكرة أو قضية كبيرة لا يجدها فى بلده بسبب ضمور الفلسفات والأفكار الكبرى التى شغلت الشباب لعقود مثل الماركسية والاشتراكية الديمقراطية والوجودية، وغيرها، وتضاؤل الاهتمام بالقضايا الكلية فى ظل طغيان النزعة العملية.
وفى هذه الحالة يبحث الشاب عن قضية، أية قضية، ويصبح فى وضع يُعَّرضه للانسياق وراء دعوات يظن أنه وجد فيها ضالته، لكى يملأ فراغ حياته، ويُفَّرغ فيها طاقة تفيض فى داخله، اعتقاداً فى أنها تهدف إلى تحقيق غايات عظيمة!
أرسل تعليقك