بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
تنشط آلة الدعاية الصهيونية بصورة غير مسبوقة منذ إعلان القرار الأمريكى بشأن القدس لترويج روايات عن حقوق دينية لليهود، وبث رسائل تفيد أن استعادة هذه الحقوق باتت وشيكة.
ويبدو أن الطلاب والدارسين المصريين، والعرب عموماً، فى الولايات المتحدة ودول غربية أخرى هم أكثر المستهدفين بهذه الروايات والرسائل، وخاصة فى الجامعات التى يوجد فيها نفوذ صهيونى، سواء فى أوساط هيئات التدريس، أو على المستوى الطلابى. ويُخشى أن يتأثر بعضهم بما تُروجه هذه الآلة لافتقارهم إلى معرفة كافية بتاريخ المنطقة عموماً، وتاريخ فلسطين بصفة خاصة.
وهناك ما يدل على بدايات فى هذا الاتجاه بالفعل، وتفاعل مع رواية تتضمن مزاعم ليس لها أساس حتى فى العقيدة اليهودية، لأنها مُصممة لغرض سياسى، وهى أن الهيكل أو البيت المقدس موجود داخل مسجد قبة الصخرة، وأن هذه الصخرة نفسها جزء من الهيكل، بخلاف ما يؤمن به اليهود المتدينون، وهو أن الهيكل كان موجوداً أسفل هذا المكان، وما يعتقد فيه الأصوليون الأكثر تشددا،ً وهو أن حائط المبكى الأثر الوحيد الباقى منه، وأن دخول الحرم المقدس محرَّم عليهم إلى أن يُعاد بناء الهيكل فى إطار الاعتقاد الخرافى الذى يشاطرهم فيه المسيحيون الإنجيليون بشأن معركة آخر الزمان «هرمجدون».
ويستغل القائمون على آلة الدعاية الناشطة الآن، إلى جانب الفراغ المعرفى لدى طلاب عرب فى الغرب، أحاديث مدسوسة ومرويات شعبية عن قصة الإسراء والمعراج، يُقال فيها إن الصخرة الموجودة فى مسجد قبة الصخرة معلقة فى الهواء (بين الأرض والسماء)، ويتجاهلون كل ما صدر عن هيئات عربية دينية وأثرية فى نقد تلك المرويات والأحاديث.
ولا يعرف من يتأثرون بهذه الدعاية أن الهيئات العربية والإسلامية المعنية بالموضوع فندت الأحاديث والمرويات الخاطئة عن الصخرة، ومنها على سبيل المثال دائرة الإفتاء العام فى الأردن فى فتوى أصدرتها عام 2009 (رقم 312 لذلك العام).
ولذلك ربما يكون استغلال دوائر صهيونية محترفة القرار الأمريكى بشأن القدس أخطر من هذا القرار نفسه, وخاصة فى ظل عدم معرفة كثير من العرب بتاريخ القدس، وتاريخ الأديان، لترويج دعاية إن لم تقنعهم بأن لليهود حقوقاً ثابتة، فهى تُشكَّكهم فى الحقوق الفلسطينية والعربية.
أرسل تعليقك