بقلم _ د. وحيد عبدالمجيد
بوب وودورد صحفى استقصائى أمريكى كبير ومخضرم. صار واحداً من أشهر صحفيى العالم، منذ أن أسهمت تحقيقاته الصحفية فى كشف تورط الرئيس الأسبق فى قضية ووترجيت. وانتهت تلك القضية باستقالة نيكسون، قبل أن يعزله الكونجرس. عُرف وودورد بحرصه على الدقة، والتدقيق. وصار نموذجاً فى هذا المجال. لكن يبدو أنه لم يعبأ بالمحافظة على الإنجاز الذى حققه عندما عمل على كتابه الجديد الذى يثير ضجة فى الولايات المتحدة الآن: الخوف. ترامب فى البيت الأبيض. لم أطلع بعد على الكتاب. لكن تأمل الجدل الواسع الذى يثيره يتيح استنتاج أنه بعض أهم ما طرحه يدل على أن استهان هذه المرة بقواعد الصحافة الاستقصائية التى يعد من روادها. خذ مثلاً انسياقه وراء رواية أن الرئيس دونالد ترامب طلب اغتيال بشار الأسد دون أى جهد للتأكد من صحتها. يقول وودورد أن ترامب طلب إلى وزير الدفاع جيمس ماتيس قتل الأسد أو اغتياله، فى سياق رد الفعل على الهجوم بالكيماوى على مدينة خان شيخون فى أبريل 2017. ورغم صعوبة إثبات حدوث ذلك، كان على وودورد أن يتأمل الموضوع. وعندما لا يوجد دليل مادى على أمر ما، يمكن إخضاعه للتفكير المنطقى، وبحث سياقه. والحال أن ترامب لم يفعل شيئاً يُذكر ضد نظام الأسد، ولم يتخذ إجراءً واحداً مؤثرا فى مسار الأزمة السوريةً، ولم يقدم على أفعال أقل بكثير من قتل رأس هذا النظام. صحيح أن موقفه أكثر تشدداً من سلفه أوباما، لكنه أقر انفراد روسيا بإدارة الصراع بطريقتها. وفضلاً عن ذلك، ليس منطقياً أن يطلب ترامب من وزير دفاعه اغتيال شخص إذا أراد ذلك بالفعل. المخابرات المركزية الأمريكية هى المختصة بعمليات الاغتيال، وليست وزارة الدفاع. وهذا أمر يعرفه القاصى قبل الدانى فى تاريخ العمليات القذرة التى نُفذت لدعم السياسة الأمريكية على مدى عقود طويلة.
لم يُعرف عن وودورد مثل هذه الخفة، واستسهال الانفراد، فى أعماله من قبل. وربما تعود خفته هذه المرة إلى تحيز مسبق أثر فى عمله، أو سعيه لأن يقدم ما اعتقد أنه جديد بعد أن سبقه آخرون إلى إصدار عدة كتب عن ترامب فى الأشهر الماضية.
أرسل تعليقك