د. وحيد عبدالمجيد
يبدو موقف من يصرون على مقاطعة جميع أعمال المخرج اللبنانى زياد دويرى مدهشاً بعد اختيار فيلمه «القضية رقم 32» أو «الإهانة» حسب اسمه الإنجليزي، ضمن أفضل الأفلام الخمسة المرشحة للفوز بجائزة أفضل فيلم أجنبى (أى غير أمريكي) فى مسابقة الأوسكار.
فهل يُعد وصول الفيلم إلى هذه المرتبة العالمية فخراً للعرب، أم عاراً لأن مخرجه ذهب إلى إسرائيل ذات يوم؟ ليس هناك ما يبرر الذهاب إلى كيان غاصب يحتل وطن الشعب الفلسطيني، ويُنكَّل به، فضلاً عن أن خطره على المنطقة العربية كان أحد أهم العوامل التى أدت إلى التدهور الذى حدث فى بلدانها.
ورغم أن دويرى ذهب إلى هذا الكيان لتصوير فيلم آخر هو «الصدمة»، فهو لم يكن مقنعاً فى حجته التى تقوم على أن بعض أحداث الفيلم تقع فى تل أبيب، وأنه لم يجد فى المنطقة مدينة تشبهها، وأراد أن تكون الصورة معبرة.
غير أن هذا الفيلم ليس هو الذى صار ضمن الأفلام الخمسة المرشحة لنيل جائزة مهمة فى مسابقة «الأوسكار»، التى ستُعلن نتائجها فى مطلع الشهر المقبل. ولذلك يبدو الإصرار على إنكار أهمية وصول فيلم عربى إلى هذه المرتبة مثيراً للتساؤل رغم أنه ينطلق من موقف مفهوم لابد أن يُقدَّره أنصار الحرية فى كل مكان، وليس العرب المتمسكون بحقوق الشعب الفلسطينى وحدهم.
ومن أهم الأسئلة التى يفرض هذا الموقف التفكير فيها سؤال يتعلق بمعنى الإبداع، وجوهر المسألة الإبداعية، وهو عن العلاقة بين المبدع وأعماله سواء كانت فنية أو أدبية أو فكرية أو علمية أو غيرها. فهل يظل العمل ملكاً للمبدع بعد أن يصل إلى المتلقين الذين يتفاعل كل منهم معه بطريقته، ويفكر فيه من زاويته وحسب ما يصله منه؟
السؤال يتعلق بجوهر العمل الإبداعى نفسه، منذ أن أصبح هناك تفاعل واسع بينه وبين الجمهور، وليس من أسئلة ما بعد الحداثة بخلاف ما يتصوره بعض من يحسبونه كذلك.
وفى معظم الأحيان يذكر الناس العمل وينسون مبدعه، أو لا يتذكرون اسمه. ولذلك سيكون فوز هذا الفيلم بجائزة «الأوسكار» فخراً لنا, مثل فيلم «آخر الرجال فى حلب» الذى ينافس فى «أوسكار» أيضاً ونعود إليه لاحقاً.
أرسل تعليقك