بقلم/د. وحيد عبدالمجيد
ينسي من يجدون في انتعاش بعض الصحف الأمريكية في الفترة الأخيرة تعارضا مع ما ورد في اجتهادات 8 مارس الحالي عن «أزمة الصحافة» أن هذا انتعاش مؤقت في الغالب، لأنه يعود إلي حالة خاصة بل نادرة هي وجود رئيس في البيت الأبيض يجهر بخصومته مع الإعلام. لم يحدث من قبل أن خاض رئيس أمريكي معركة بهذا الحجم ضد صحف كبري مثل «واشنطن بوست»، و«نيويورك تايمز»، و«وول ستريت جورنال»، و«يو.إس.أيه توداي»، بل حتي «فاينانشيال تايمز». وقد أدت حملة ترامب هذه إلي نتيجة عكسية كما يحدث عادة في المعارك ضد الإعلام، إذ ازداد الإقبال علي صحف كان معظمها في أزمة طاحنة، فارتفعت معدلات توزيعها وتدفقت عليها إعلانات لم تكن متوقعة.
ولكن هذا الإقبال لا يعود إلي تطور موضوعي في الواقع، بل إلي ظاهرة مؤقتة بطابعها حيث أصبح كل هجوم يشنه ترامب أو رجاله علي الصحافة يتحول إلي مكسب لها. ولم يقتصر ذلك علي الصحف الأمريكية الكبري، بل شمل مجلة «فاينتي فير» الفنية التي حصل ناشرها علي عدد كبير من الإعلانات في مقابل إعلان نشره عنها يقول إنها (المجلة التي لا يريدك ترامب أن تقرأها).
وهذه حالة محض أمريكية حتي إذا وجدنا امتدادا لها في رواج بعض الصحف الليبرالية الأوروبية التي استخدمت «الظاهرة الترامبية» وسيلة لجذب قراء جدد. ولكن في المقابل نجد أن أزمة الصحافة المطبوعة في أوروبا تزداد حدة بدرجات مختلفة من بلد إلي آخر، حيث بلغت ذروتها في اليونان.
فقد حملت الأنباء أن اثنتين من كبرى الصحف اليونانية قررتا وقف إصدارهما الورقي المطبوع بسبب تفاقم الأزمة المالية، وهما صحيفتا »تانيا« اليومية، و«توفيما« الأسبوعية، بعد أن حاولتا تقليل نفقاتهما عبر خفض عدد صفحاتهما وتقليل عدد العاملين فيهما.
وربما يري المطلعون علي الوضع في اليونان أن المدي الذي بلغته أزمة الصحافة هناك يرتبط بأزمة اقتصادية بالغة الحدة. غير أن هذا لا يعني أكثر من أن وتيرة تفاقم أزمة الصحافة المطبوعة في اليونان أسرع منها في بلاد أخري0 ولكن النتيجة لن تختلف إذا لم يزد عدد السياسيين الذين يجهلون أن كراهيتهم للصحافة الحرة ربما تكون أملها الأخير في الاحتفاظ بقدرة علي المنافسة.
أرسل تعليقك