بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
تزداد فرص التقدم الاقتصادى كلما توسع نطاق التنافس فى ظل قواعد تحمى منتجى السلع والخدمات الصغار والمتوسطين من تغول الشركات الكبيرة والعكس صحيح، إذ تقل امكانات النجاح الاقتصادى فى أى دولة كلما ضاقت مساحات التنافس، وطغى الكبار فى السوق على غيرهم. وتتفاقم مشكلة أى اقتصاد بمقدار ما تزداد قدرة الشركات الأكبر على طرد غيرها من السوق واحتكاره.
ولذلك تحتاج حالة السوق فى مصر إلى دراسة الأوضاع فى بعض القطاعات التى ازداد نفوذ عدد محدود من الشركات الخاصة الكبيرة فيها، ومراجعة قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الصادر عام 2005 ليتبين ما إذا كان فى حاجة إلى تعديل جديد فى ضوء هذه الأوضاع.
كما يتطلب موضوع التنافس والاحتكار حواراً عاماً موضوعياً يتجدد فى الدول الأكثر تقدماً من وقت إلى آخر, كما يحدث الآن مثلاً فى الولايات المتحدة بشأن رغبة مجموعة ديزنى، التى يعود تأسيسها إلى عام 1932، المشهورة فى عقد صفقة ضخمة لشراء جزء من شركة «تونتى فيرست سنشرى فوكس». ومن شأن هذه الصفقة تضخم نفوذ شركة ديزنى فى سوق الإعلام لأنها تشمل ضم قناتى «إف. اكس» و«ناشيونال جرافيك» التليفزيونيتين، ليصبح لديها 4 قنوات, حيث تملك حالياً قناتى «إيه بى سى»، و«آى إس بى إن». ولكن المخاوف من هذه الصفقة تتعلق أكثر بسوق استوديوهات السينما لأن تمريرها يعنى تحكم شركة ديزنى فى قسم كبير من هذه السوق.
وتتجه الأنظار الآن إلى الموقف الذى ستتخذه السلطة المعنية بحماية المنافسة تجاه هذه الصفقة، بعد أن أوقفت قبل أسابيع صفقة كبيرة أخرى أرادت شركة الاتصالات الضخمة «إيه تى آند تى» بموجبها شراء مجموعة «تايم وارنر» التى تملك قناتى «سى إن إن» و«إتش بى أو«، فضلاً عن ستديوهات «وارنر براذر».ويحذر المنافسون القلقون من تداعيات صفقة شركة ديزنى من أنها ستكون خطراً على المستهلكين، وليس فقط عليهم، ويخشون أن يؤثر انحياز الرئيس دونالد ترامب إلى شركة «فوكس» وقناتها الإخبارية فى القرار الذى سيتخذ بشأنها. ورغم أن قواعد حماية المنافسة فى أمريكا أقوى من أن تتأثر بالأهواء السياسية، تظل متابعة مصير صفقة ديزنى وفوكس مهمة ومثيرة فى آن معاً.
أرسل تعليقك