بقلم/ د. وحيد عبدالمجيد
إنه استثمار فى مستقبل المنطقة كلها. هكذا وصف متحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة والتنمية «يونيسيف» مبادرة مؤسسة كلونى للعدالة لتعليم ثلاثة آلاف من أطفال اللاجئين السوريين فى لبنان, وتخصيص مليونى دولار لهذا الغرض.
يعلم النجم السينمائى العالمى جورج كلونى، وزوجته المحامية اللبنانية أمل علم الدين (أمل كلونى الآن)، أن أكثر من 200 ألف طفل سورى فى لبنان فقط لا يتلقون أى تعليم. وهما يدركان الأحوال المترتبة على ترك معظم أبناء جيل كامل، أو أغلبيتهم الساحقة، فى أى بلد دون تعليم.
ولذلك تحركا من خلال المؤسسة التى أسساها فى العام الماضى لإطلاق هذه المبادرة التى نأمل أن تحفز مؤسسات أخرى فى العالم على القيام بما يستطيعه كل منها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فى مأساة إنسانية هى الأكبر فى القرن الحادى والعشرين حتى الآن. وتفاعلت معهما شركتا جوجل، وهيوليت باكارد، اللتان التزمتا بتقديم أجهزة كومبيوتر قيمتها مليون دولار لتأسيس بنية تعليمية يمكن تطويرها وتوسيع نطاقها من خلال مبادرات هيئات أخرى، وإسهامات حكومات تستطيع أن تقدم الكثير فى هذا المجال
وفضلاً عن أهمية تعليم هؤلاء الأطفال, رغم ضآلة عددهم قياساً إلى أقرانهم المهَّجرين فى لبنان والأردن وتركيا، حيث يوجد معظم السوريين الذين فروا من الحرب فى بلدهم، فضلا عن النازحين من مناطقهم إلى غيرها فى داخل سوريا، تقدم مبادرة مؤسسة كلونى للعدالة نموذجاً يدل على أن النزعة الإنسانية لم تنحسر تماماً فى عالمنا الراهن الذى تبلدت فيه المشاعر، وصارت أبشع مشاهد القتل والترويع والتدمير معتادة فيه.
لم تعد هذه المشاهد توجع قلباً، أو تحرَّك عقلاً، إلا فيما قل أو ندر. ولذلك لا تكف المنظمات الإنسانية والخيرية العاملة فى سوريا وغيرها من البلدان التى أنتجت حروبها كوارث إنسانية رهيبة عن طلب العون والمساعدة لإنقاذ من نسى العالم أنهم بشر، والمحافظة على حياتهم التى صارت هى والبؤس سواء.
وهكذا فى الوقت الذى وصل تبلد المجتمع الدولى إلى مستوى لا سابق له فى العصر الحديث منذ أن بدأت ثقافة التنوير تنشر الوعى بقيمة الإنسان، جاءت مبادرة مؤسسة كلونى لتبقى أملاً فى أن تستعيد النزعة الإنسانية بعض المساحات التى فقدتها فى عالمنا الراهن.
أرسل تعليقك