بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
متسرعاً كان استنتاج أن حركة النهضة حققت فوزاً كبيراً فى الانتخابات البلدية (المحلية) التى أُجريت فى تونس الأسبوع الماضي. فالنتيجة, التى حققتها هذه الحركة لا تُطمئنها، رغم أنها إحدى الحركات والأحزاب القليلة التى نجت من طوفان الغضب على الإسلام السياسى فى العالم العربي.
لم يصل هذا الطوفان إلى بلدان المغرب العربي. ولكن الحركات والأحزاب الإسلامية فيها تراجعت بدرجات مختلفة، بما فى ذلك حزب العدالة والتنمية الذى يتصدر المشهد السياسى فى المغرب إلى حين. وهناك سببان لعدم اطمئنان حركة النهضة إلى النتيجة التى حققتها. أولهما محدودية نسبة المشاركة فى الانتخابات. لم يذهب ثلثا الناخبين المسجلين إلى هذه الانتخابات، رغم أنها الأولى التى تُجرى بعد إصدار القانون الذى يؤسس للتوجه نحو اللامركزية. 33.7% فقط من الناخبين هم الذين أدلوا بأصواتهم. وهذا يعنى أن حركة النهضة فشلت، مثل غيرها من الأحزاب والحركات السياسية، فى إقناع ثلثى الناخبين بجدوى المشاركة رغم حدة التنافس الانتخابي. أما السبب الثانى فهو أن النتيجة شبه النهائية التى أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أظهرت أن المستقلين هم الفائز الأول، حيث حصلوا على 2376 مقعداً متقدمين على حركة النهضة التى جاءت فى المركز الثاني، وحصلت على 2135 مقعداً. وليس متوقعاً أن يحدث تغيير فى النتيجة النهائية التى تُعلن عقب تقديم الطعون، والنظر فيها. والمهم, هنا، أن الفرق بين عدد الذين اقترعوا لمصلحة حركة النهضة فى هذه الانتخابات، ومن صوتوا لها فى انتخابات 2011 البرلمانية، يناهز المليون صوت، علماً بأنها حصلت على أصوات من خارج جمهورها والدوائر القريبة منها، لأنها رشحت عدداً معتبراً من الوجوه المستقلة، وبينهم مرشحات سافرات.
وهذا أمر لابد أنه يُقلق الحركة مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية التى سُتجرى فى العام القادم، وخاصة أنها لن تتمكن من تكرار تجربة ترشيح وجوه مستقلة جلبت لها أصواتاً من خارجها. فالعدد الكبير لمقاعد البلديات يوفر «أريحية ترشيحية» بخلاف الانتخابات البرلمانية التى تواجه الأحزاب عادة صعوبة فى إرضاء أعضائها الراغبين فى الترشح فيها، بسبب ضآلة عدد مقاعد البرلمان مقارنة بالمجالس البلدية.
ولذلك، فليس صحيحاً الاعتقاد الشائع بأن الانتخابات البلدية أعادت حركة النهضة إلى صدارة المشهد السياسي0
أرسل تعليقك