بقلم: د. وحيد عبدالمجيد
هل يمكن إنزال الدولار الأمريكى من العرش الذى يعتليه فى عالم اليوم ونظامه النقدى وعلاقاته الاقتصادية والتجارية؟ طُرح هذا السؤال عدة مرات منذ أن أعلن الرئيس الفرنسى الأسبق شارل ديجول غضبه بسبب سيطرة الدولار ومركزيته فى العالم.
كانت محاولة ديجول، ومن بعده جيسكار ديستان، وضع حد لهذه المركزية ضمن دوافع فك الارتباط بين الدولار والذهب عام 1971. ولكن هذا التحول لم يُحدث أثراً يُذكر فى مركزية الدولار المستمرة منذ تقنينها فى اتفاقات بريتون-وودز التى وضعت أساس النظام النقدى العالمى عام 1944، وحتى الآن.
يقوم الدولار طول هذه الفترة بالوظائف الثلاث الرئيسية للعملة على المستوى العالمي، حيث يُعتبر وحدة الحساب الأساسية، ووسيلة التبادل الرئيسية، والخيار المفضل كمخزن للقيمة. ولم تتأثر مركزية الدولار بانخفاض سعر صرفه مقابل عملات أخري، أو ارتفاعه.
ولكن السؤال عن إمكان وضع حد لهذه المركزية يُثار مجدداً فى الوقت الراهن بمناسبة اعتزام الصين تغيير عقود النفط الآجلة لتكون بعملتها الوطنية بدلاً من الدولار. وليست هذه المرة الأولى التى تطمح فيها الصين إلى تحدى الدولار الأمريكي. فقد اتفقت مع عدد من البلدان على اعتماد العملة الوطنية فى المبادلات التجارية الثنائية. ولكن هذا النوع من الإجراءات لا يزال محدوداً. كما أن أثره مقصور على المستوى الثنائى بالأساس.
كما عزمت الصين على استخدام عملتها فى العقود النفطية عام 1993، قبل أن تراجع هذه الخطوة وتتخلى عنها فى حينها. ولكن عودتها إلى التفكير فى هذا الاتجاه الآن يأتى فى ظروف عالمية مختلفة، وفى ظل وجود استعداد لدى عدد متزايد من الدول للحد من سيطرة الدولار على تعاملاتها بسبب تراجع الثقة فى الولايات المتحدة. ورغم أن هذا التراجع بدأ منذ سنوات، فقد ازداد مع انسحاب إدارة الرئيس ترامب من بعض الاتفاقات التجارية الدولية، وعدم التزامها بما أقرته إدارات سابقة.
وهذا عامل مساعد يمكن أن يدعم قدرة الصين على خوض معركة الدولار هذه المرة، ولكن يقابله عائق يعود إلى سيطرة الدولة على قطاع الطاقة بشكل كامل، مما يُضعف قدرتها على إقناع كثير من الدول بموقفها.
وأياً كان الأمر، ستكون الخطوة الصينية محاولة جديدة فى معركة ستكون طويلة, ولكنها ضرورية ضد مركزية الدولار.
أرسل تعليقك