بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
ليست مؤسسة جوجل وحدها التى تستطيع معرفة المعلومات الشخصية الخاصة لمستخدمى خدماتها، وأدق تفاصيل حياتهم. فقد تمكن بعض محترفى القرصنة الإلكترونية «الهاكرز» من اكتشاف وسيلة لاختراق نظام أندرويد لتشغيل الهواتف الذكية، وشن هجمات إلكترونية بالغة الخطورة ربما يكون انتهاك خصوصية مستخدمى هذه الهواتف أقلها ضرراً، لأنها تتيح سرقة كلمات المرور إلى مختلف الحسابات، والسيطرة على الجهاز والتحكم فيه، أو غلقه تماماً حين يعرف القرصان أنه يتضمن معلومات بالغة الأهمية قد لا يكون لدى صاحب الجهاز نسخة أخرى منها. وفى هذه الحالة يصبح مستعداً لدفع «فدية» فى مقابل إعادة فتح الجهاز.
غير أن معرفة «جوجل» تفاصيل الحياة الخاصة لمستخدمى حساباتها يظل بالغ الخطورة بدوره لأنه يهدد أى مستخدم فى أى وقت، وبشكل طبيعى وسلس دون قرصنة، وبغير أن يشعر بأى تطفل عليه. فقد أصبح لدى جوجل الآن أكبر مخزن للمعلومات والبيانات فى التاريخ. وهى تتضمن معلومات شخصية تستخدمها جوجل لأغراض التسويق، حيث يتيح تحليلها معرفة اهتمامات أصحابها وميولهم وتفضيلاتهم، وبالتالى التنبؤ بسلوكهم وما يقترن به من سلع وخدمات يحتاج إليها كل منهم. ويتم اختزال هذا كله فى صورة أفكار ومقترحات تبيعها جوجل إلى الشركات التى تسعى إلى تطوير منتجاتها للوصول إلى أكبر عدد من الزبائن.
وهكذا توشك الخصوصية، التى تعد أحد أهم مقومات الحداثة، أن تصبح تاريخاً إلا لمن يملك القدرة على تطوير أو شراء أساليب تشفير معقدة للغاية من أجل حماية ما يتيسر من معلومات عن حياته الخاصة. وهذا يفسر التوسع فى إنشاء شركات متخصصة فى أنظمة الحماية الإلكترونية فى السنوات الثلاث الأخيرة وفق الإحصاءات التى تنشرها شركة الخدمات المهنية العالمية (كى.بى.إم.جى).
صحيح أن قواعد العمل فى مؤسسة جوجل لا تسمح بإساءة استخدام البيانات الشخصية والمعلومات عن الحياة الخاصة. ولكن من يعملون فيها بشر يمكن أن ينزلق أحدهم إلى خرق هذه القواعد، واستخدام معلومات شديدة الخصوصية بطريقة مؤذية لأصحابها. وأياً كان مدى قوة هذا الاحتمال أو ضعفه، يظل انكشاف الإنسان أمام آخرين بشكل كامل مثيراً للقلق. فكم هو مزعج الشعور بأن هناك من يراك ويعرف كل شىء عنك.
أرسل تعليقك