بقلم/ د. وحيد عبدالمجيد
يتفق البنك الدولى ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «أسكوا» على ضخامة التكلفة اللازمة لعملية إعادة اعمار سوريا، رغم اختلافهما حول بعض تفاصيلها.
تكلفة الحرب السورية وصلت إلى 327 مليار دولار وفقاً لتقدير «برنامج الأجندة الوطنية لمستقبل سوريا» الذى يعمل فى إطار «أسكواس» البنك الدولى يعتمد منهجاً آخر، وهو تقدير الخسارة التراكمية فى إجمالى الناتج المحلى السورى، التى تبلغ 226 مليار دولار.
ولكن هذين ليسا إلا تقديرين أوليين لحصاد الهشيم السورى بعد ست سنوات على حرب داخلية شاركت فيها قوى إقليمية ودولية. والأرجح أن التكلفة الفعلية ستكون أكثر مما يُقدَّره خبراء البنك الدولى والبرنامج الذى يعمل فى إطار «أسكوا» عندما تُحسب فعلياً عن طريق عمليات حصر واقعية. ويبدو خبراء برنامج «أسكوا» متفائلين إلى حد يبعدهم عن الواقع عندما يُقدَّرون قيمة الدمار الفعلى بنحو مائة مليار دولار فقط، أى أقل مما يعتبرونه خسارة ناتجة عن الفرص الضائعة.
كما أن تقدير البنك الدولى يعتمد على دراسة اقتصرت على عشر مدن فقط، أى أنه تقدير انتقائى، فضلاً عن أنه نظرى لا يستند على أى مسوح ميدانية. كما أن الدمار الذى لحق بالمنازل ليس إلا جزءا من الحصاد الرهيب لكارثة تشمل جزءا كبيرا من البنية التحتية يصعب تقديره نظريا.
ولكن السؤال الجوهرى هو : كيفية تمويل هذه العملية فى الوقت الذى تلتزم فيه الولايات المتحدة والدول الأوروبية الصمت بشأنها، وتتجاهل مناشدات روسيا المتكررة للبدء فى وضع مشروع كبير لهذا الغرض.
ولا يعود عدم اهتمامها حتى الآن إلى أسباب سياسية فقط. فمن الطبيعى أنها ترغب فى استكشاف ما سيكون عليه الوضع فى سوريا، ونوع نظام الحكم الذى سينتج عن الحل السياسى فى النهاية، قبل أن تضع موضوع إعادة الاعمار على جدول أعمالها.
غير أنه حتى إذا أمكن التوصل إلى حل يرضيها، فلن يكون هذا كافياً لتوقع إقبالها على مشاركة قوية فى إعادة الاعمار، لأن اقتصاداتها ليست على ما يرام. الاقتصادات الأوروبية، باستثناء ألمانيا، تمر فى مرحلة صعبة. وليس هناك ما يُغرى الولايات المتحدة بدعم إعادة اعمار سوريا التى تركتها لروسيا، فى الوقت الذى يرفع رئيسها شعار أمريكا أولاً.
أرسل تعليقك