بقلم /د. وحيد عبدالمجيد
حظيت قضية المواطنة باهتمام بالغ فى أعمال المؤتمر الإقليمى السابع لمركز البحوث والدراسات الاستراتيجية فى الجيش اللبنانى الذى عُقد من 15 إلى 18 مايو الحالى. وأعطت مجموعات العمل الثلاث التى تعمل بالتوازى عناية ملحوظة لهذه القضية باعتبارها المدخل الرئيسى لحل أزمات بلدان المنطقة، بل ربما يجوز النظر إليها بوصفها «كلمة السر» فى مواجهة معظم الأخطار التى تهددها، بدءاً بالإرهاب، ووصولاً إلى العبث بالخرائط الجغرافية سواء من خلال ترتيبات إقليمية ودولية، أو عبر عمليات تهجير ديموجرافى على أسس طائفية ومذهبية وعرقية. وليس غريباً أن تحتل قضية المواطنة أحد أهم مواقع الصدارة فى مؤتمر بهذا الحجم، فقد تفاقمت أزمات بلدان المنطقة بأشكال مختلفة، وبلغت الوضع الكارثى الراهن، لأسباب فى مقدمتها هشاشة بنية دولة ما بعد الاستقلال فى ظل نظم حكم فشلت فى تحقيق التكامل الاجتماعى .
وكانت قضية المواطنة هى الوحيدة التى طُرجت فى مداولات مجموعات العمل الثلاث، رغم اختلاف القضية الرئيسية فى كل منها. وظهر ذلك بوضوح فى الأفكار والتوصيات التى قدمتها كل مجموعة فى نهاية أعمالها. فقد خلصت المجموعة الأولي، التى أدارها د. عدنان حسين السيد وناقشت مستقبل الشرق الأوسط فى ظل الصراعات الدولية، إلى وجود ارتباط وثيق بين المواطنة والوحدة الوطنية والثقافة المدنية. ودعت مجموعة العمل الثانية، التى أدارها القاضى شكرى صادر وناقشت مستقبل الأقليات فى العالم العربي، إلى ضرورة الانتقال من التعامل مع الأقليات كمجموعات منفصلة أو منعزلة إلى إدارة التنوع الثقافى والاجتماعى على أساس المواطنة الحقة فى إطار تعزيز الاندماج الاجتماعي، أما مجموعة العمل الثالثة، التى أدارها د. ناصيف حتى وناقشت احتمالات انعكاس تداعيات الحروب فى المشرق العربى على رسم حدود جديدة، فقد طرحت أفكاراً متجددة تضاف إلى تلك التى نوقشت فى المؤتمر الإقليمى الخامس عام 2015. ومن أهم هذه الأفكار فى مجال المواطنة تطوير مناهج جديدة وآليات مُستحدثة لمواجهة السياسات والاتجاهات المذهبية والطائفية التى تهدد النسيج الوطنى من خلال تعزيز ثقافة المواطنة، ودعوة الأمين العام لجامعة الدول العربية للقيام بدور فى هذا المجال عن طريق تقديم مبادرات لاحتواء الصراعات فى إطار الدبلوماسية الوقائية.
أرسل تعليقك