بقلم/ د. وحيد عبدالمجيد
تستحق محاولات تسكين الآلام الاجتماعية عن طبيعة برامج حكومية تهدف إلى مساعدة الفئات الأكثر فقراً اهتماما خاصا. الموارد التى يمكن تخصيصها لمثل هذه البرامج محدودة بالضرورة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة. ولذا يتعين التأكد من سلامة توجيه هذه الموارد إلى الفئات الأكثر فقراً بالفعل، والحيلولة دون تسرب بعضها إلى من لا تخصص من أجلهم.
ولكن المشكلة الأساسية هنا هى عدم وجود قاعدة بيانات شاملة ودقيقة يمكن الاستناد عليها لتحديد من ينبغى أن تُوجه إليهم المساعدات. وهذه مشكلة كبيرة لأن بناء قاعدة بيانات من هذا النوع يحتاج إلى دراسة منهجية للخريطة الاجتماعية، وتحليل دقيق للهيكل الطبقى فى المجتمع، وليس فقط إلى إحصاءات يجريها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بدأب ويبذل فيها جهداً كبيراً.
ويتطلب إجراء هذه الدراسة فريقاً كبير العدد من الباحثين فى مختلف المحافظات لجمع المعلومات وتصنيفها وفق خطة يضعها عدد من الخبراء يجمعهم تفكير مشترك ومنهج متفق عليه. فقد أصبحت الخريطة الاجتماعية المصرية أكثر تعقيداً مما كانت عليه قبل عقود قليلة حين كان فى امكان خبير واحد دراستها مثلما فعل د. عبد الباسط عبد المعطى ود. فؤاد مرسى رحمهما الله.
وتعود أهمية دراسة الخريطة الاجتماعية إلى أنها تتيح استنتاج مصادر الدخل الفعلية التى يصعب تحديد مستحقى الرعاية الاجتماعية بدون إلمام كاف بها. وفى غيابها يحصل بعض من لا يستحقون على حق من يحتاجون الرعاية بسبب الاعتماد على معايير غير كاشفة، أى لا تكفى للتمييز بين من يستحق ومن لا حق له. فإذا اعتمدنا مثلاً على حيازة بطاقة تموين، فقد تتسرب المساعدات إلى بعض من لا يستحقون هذه البطاقة لأنهم يستطيعون الحصول على حاجاتهم الأساسية بدونها.
ولا يفيد الاستعانة بالكشوف الموجودة لدى جمعيات خيرية كبيرة تقدم مساعدات متنوعة، لأنها تعانى المشكلة نفسها. ولذا يبدو اقتراح الاستعانة بها أقرب إلى المثل القائل (جبتك يا عبد المعين تعينى ...).
ولما كانت أى دراسة للخريطة الاجتماعية تحتاج إلى وقت, فالواجب على المعنيين بقضية الرعاية الاجتماعية الشروع على وجه السرعة فى التخطيط لها بالتعاون مع المراكز المتخصصة مثل المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية.
أرسل تعليقك