بقلم/ د. وحيد عبدالمجيد
ملايين العاملين مُهدَّدون بفقد وظائفهم فى الدول الأكثر تقدماً فى العالم خلال السنوات المقبلة بسبب التطور السريع فى عالم الذكاء الاصطناعى والروبوتات و«الأتمتة». يتجه عدد متزايد من الشركات إلى الالتحاق بهذا العالم، والاستفادة من ابتكاراته فى خفض نفقات التشغيل.
وليس هذا هو التحدى الوحيد المترتب على ما بات يُعرف بالثورة الصناعية الرابعة، التى توفر فرصاً لا حدود لها، ولكنها تخلق فى المقابل مخاطر لا يمكن الاستهانة بها.
وربما يبدو للوهلة الأولى أن هذا التطور الذى يشهده العالم المتقدم لا يؤثر علينا فى مصر، وفى بلدان منطقتنا بوجه عام، لأن المسافة التى تفصلها عن هذا العالم بعيدة. غير أن الأمر ليس كذلك فى الواقع لأن تحقيق نمو اقتصادى كاف لحل أزمات اقتصادات معظم هذه البلدان يتطلب جذب استثمارات أجنبية جديدة وكبيرة، وبالتالى إقبال شركات عالمية على العمل فيها.
وفى حالة وجود مناخ جاذب للاستثمار فى المنطقة، وفى بلدانها التى تشتد حاجتها إلى هذا الاستثمار، ينبغى توقع أن الوظائف الجديدة وفرص العمل التى ستوفِّرها بعض الشركات الوافدة إلى أسواقها ستكون أقل مما كان مثلها يتيحه فى فترات سابقة، بسبب الاعتماد المتزايد على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.إذا أضفنا إلى ذلك أن منطقة الشرق الأوسط تعد من أكثر مناطق العالم معاناة من مشكلة البطالة، يصبح من الضرورى التفكير فى وسائل غير معتادة لدينا من أجل الحد من البطالة التى يمكن أن تصبح قنبلة موقوتة، فضلاً عن أثرها فى إهدار طاقات بشرية تستطيع الإسهام فى النمو الاقتصادى وتنمية المجتمع.
ولذلك، وفى الوقت الذى يتعين الاستعداد جدياً لعصر الثورة الصناعية الرابعة، سيكون ضرورياً إدراك أن دور الاستثمارات الأجنبية فى الحد من البطالة سيقل مع الوقت، دون أن يقلل ذلك من أهميتها القصوى للنمو الاقتصادى.
ومن الضرورى, هنا, الاستفادة من تجارب الدول الكثيفة السكان، التى حولَّت الأعداد الكبيرة من سكانها إلى طاقة منتجة غيرَّت وجه الحياة على الأرض، عن طريق إقامة بنية متكاملة للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، والمشاريع المتوسطة.
بنيتان كبيرتان مطلوبتان، إذن، فى المرحلة المقبلة إحداهما لتوفير مقومات اللحاق بالثورة الصناعية الرابعة والاستفادة من منجزانها، والثانية لمواجهة أزمة البطالة.
أرسل تعليقك