بقلم/د. وحيد عبدالمجيد
كثير هم المثقفون الكبار الذين فقدناهم فى الأسابيع الأخيرة, وترك كل منهم فراغا ملأه عطاء وإبداعا وتجديدا فى المجال الذى برز فيه رحل عنا أربعة منهم فى الأسبوع الماضى وحده تركنا طلعت الشايب الذى غطى إبداعه فى الترجمة على إسهاماته الأخري, ربما لأن الأعمال التى ترجمها ليست كغيرها, وهو الذى جعل الترجمة إبداعا موازيا يضفى على النص المترجم قيمة إضافية, ويجعل قراءته فى حد ذاته متعة بخلاف الحال فى كثير من الترجمات التى يتكبد قارئها مشقة لمجرد الإلمام بالموضوع والتمكن من متابعة القراءة حتى نهاية النص. وإذا أردت مثالا, فلترجع إلى ترجمته لكتاب صمويل هنتنجتون المشهور عن صراع الحضارات لمقارنته بترجمتين أخريين إلى العربية.
ولحق به فى اليوم التالى كابتن غزالى أحد أبرز رموز ثقافة المقاومة فى عصرنا, بعد أن أمضى حياته فى الإبداع المقاوم, وقدم نموذجا فريدا فى ادب المقاومة وفنها, وترك ميراثا لا ينفد فى هذا المجال. وليست تجربة فرقة ولاد الأرض إلا مثالا واحدا, وهى التى قال عنها شاعر المقاومة الفلسطينية محمود درويش إنها جعلته يشعر بأنه تلميذ صغير فى مدرسة شعر المقاومة.
ولم يمض يومان حتى لحق بهما اثنان من رموز الإبداع الأدبى والفني. رحل د. الطاهر مكى بعد رحلة إبداع «صامت» فى مجالات الأدب المقارن والنقد الادبى والترجمة. وهو صاحب الفضل الأكبر فى تحويل التراث الأندلسى الى حقل معرفى خصب. ويكفى تحقيقه المبدع لكتاب إبن حزم الأندلسى «طوق الحمامة فى الإلف والإيلاف» الذى يعد أفضل ما يحويه التراث الاسلامى عامة فى دراسة الحب وأحوال المحبين.
واختتم الأسيوع الحزين برحيل العزيز سمير فريد عميد نقاد السينما وأساتذتها فى العالم العربي, وأحد أبرز كبارهم على المستوى الدولي. وهو واحد من قليل من النقاد الذين ساهموا فى نشر الثقافة السينمائية, وازدياد أعداد من يحبون هذا الفن. وأدين له شخصياً بالفضل فى تعليمى كيفية مشاهدة الفيلم والربط بين خيوطه الدرامية, ومحاولة الانتباه الى تفاصيل صغيرة لم أكن ألتفت إليها.
وفضلاً عن كتبه المنشورة, كتب الراحل الكبير اّلاف المقالات والأوراق التى ينبغى على محبى السينما العمل لجمعها وتصنيفها ونشرها فى كتب تحفظها وتيسر الاستفادة منها.
أرسل تعليقك